مقالات وآراء

الإثنين - 06 مايو 2024 - الساعة 06:43 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/مقال لـ"محمود عبدالله:


الشيخ مهدي العقربي أحد أبناء عدن الأبرار، الذي إن ذكر أسمه كان أول ما يتبادر إلى ذهن السامع أعمال البر التي قام عليها، فما من وادي من أعمال البر إلا وللشيخ مهدي العقربي فيه نصيب. ونذكر على سبيل المثال، لا الحصر، تعشيبه لملعب بير أحمد، وقيامه على مشروع تركيب كشافات إنارة بالطاقة الشمسية في عدد من أحياء العاصمة عدن، على نفقته الشخصية، منها تركيب كشافات الإنارة في حي سالم علي في التواهي، وفي عدد من شوارع المعلا، وكذلك تركيب كشافات الإنارة في حي بير أحمد، ومدينة الصالح، وحي مهرام في مدينة الشعب، وفي المنصورة والشيخ عثمان والممدارة وخورمكسر وكريتر. ولم يبق حي في عدن لم يستنر بنور ابنها البار الشيخ مهدي العقربي.

ولم تقتصر جهود الشيخ مهدي العقربي على جهود إنارة الشوارع، بل إنه لما شعر بمعاناة المدرسين والطلاب من انقطاع الكهرباء في حر عدن اللاهب، أبت نفسه السمحة وخلقه الكريم إلا أن يرفد عددا من مدارس المدينة بمنظومات للطاقة الشمسية، التي يسرت على الطلاب والمدرسين إتمام العملية التعليمية، ورطبت ألسنة الجميع بالدعوات له أن يقيه الله فيح جهنم، مثلما خفف عليهم من فيح صيف عدن الحار. ولم يكتف الشيخ مهدي العقربي بذلك، بل أتم جميله بتقديم منظومات طاقة شمسية لعدد من المجمعات الصحية في عدن، يسرت على الطواقم الطبية تسيير أعمالهم.

ولم تقف جهوده في دعم مشروعات الكهرباء على دعم المدارس والمجمعات الصحية، بل إنه تبرع لمؤسسة كهرباء عدن ذاتها، فرفدها بسيارات للطوارئ، ليعينهم على إغاثة المواطنين بالتحرك السريع لإصلاح الأعطاب المتكررة في الصيف، وبنى لهم غرفة للطوارئ، لاستقبال بلاغات المواطنين، وإدارة عملياتهم في التصدي لأي طارئ يحدث، وما أكثرها في أيام الحر.

وكانت للشيخ مهدي العقربي أياد بيضاء في أعمال الإغاثة، فقد قدم سلالا غذائية وفرشا وبطانيات للمنكوبين، إثر سيول مرت بمدينة عدن بعد أحد المنخفضات الجوية.

وفي أزمة كورونا، كان الشيخ مهدي العقربي في مقدمة الداعمين لقطاع الصحة، الذي كان يتأرجح ويوشك على السقوط في مدينة عدن، فقدم أجهزة ومستلزمات ومحاليل طبية وأدوية كثيرة دعما منه لقطاع الصحة، الذي كان يتأرجح ويوشك على الانهيار.

لقد كانت جهود الشيخ مهدي العقربي كبيرة جدا في غوث أبناء عدن، وكان الحمل مما ينوء بالحكومة، المعتمدة على المساعدات، على حمله، لكن نفسه الكريمة وحبه الصادق للمدينة وأهلها أبيا عليه إلا أن يبذل نفيس ماله ويسهم بجهوده في تخفيف العبء على الحكومة، وتحسين أحوال أبناء عدن، فلم يبخل ولم يدخر ماله لنفسه، أو يذهب به لبناء العمارات في القاهرة والاستثمار في مصر. بل آمن أن قضيته تكمن في غوث أهل مدينته، والاستثمار في تجارة رابحة مع الله.

ولا ننسى هنا جهود الشيخ مهدي في بداية غزو الحوافش لمدينة عدن عام 2015 ووقوفه إلى جانب الأحرار، والإسهام في رفد المقاومة مع غيره من الأغيار، حتى قامت على ساقيها قوية، فتمكنت من صد جحافل الغزو الهمجي. وبعض من يشهد له على تلك الجهود، ممن لا زال حيا اليوم، الأخوين أيمن عسكر ونبيل المشوشي.

وما زلنا نذكر، قبل ذلك بكثير، تصدي الشيخ مهدي العقربي لمحاولات أزلام عفاش البسط على أراضي العقارب، مدعومين بأطقم الأمن المركزي، السيء الصيت، فتصدى لهم بمعية رجال العقارب الأقوياء الشكيمة، وذبوا العدوان على أرضهم، فهل تجرأ أزلام عفاش على اعتقال الشيخ مهدي العقربي؟

كلا، فقد كان لأزلام عفاش من الحنكة السياسية، ما عرفوا بها أن المساس بشخص، له كل ذلك الثقل الشعبي، سيوقعهم في مأزق مع أهالي مدينة عدن عموما، وقبيلة العقارب خصوصا، فلجأوا إلى الاحتيال عبر القانون، وحركوا ضده قضية "أموال عامة" عام 2009، زعموا فيها أن أراضي العقارب ملك للدولة، متجاهلين أن لدى العقارب وثائق ملكية (جرانت) منذ حقبة الاستعمار البريطاني، تثبت ملكيتهم للأراضي التي ورثوها عن جدودهم. لكن مكيدتهم القضائية فشلت، وكسب الشيخ مهدي ومعه العقارب القضية بعد إثباتهم ملكية الأرض المتنازع عليها، وخسئ أزلام عفاش حتى حين.

ثم عاد أزلام الهالك عفاش، في نهاية حقبتهم، إلى إثارة قضية كيدية أخرى على الشيخ مهدي العقربي، ومرة أخرى، تمكن الشيخ مهدي من تقديم إثباتاته فيها، وختمت المرافعات، وطلب الشيخ مهدي حجز القضية للنطق بالحكم فيها عام 2014، لكن أيادي دولة الفساد العميقة تدخلت ومنعت البت في القضية، لأنها علمت أن الحق سيكون إلى جانب الشيخ مهدي، وسيكسب القضية، ولن يستطيع أحد بعد ذلك أن يعيد فتح نزاع قد اغلق بحكم حاز حجية الأمر المقضي فيه.

وتوالت الأحداث، وجاء عام 2015 بالحرب التي انتهت بدحر الحوافش، وبقيت القضية الكيدية طي الأدراج، لأن أزلام عفاش الذين أثاروها قد ولوا بلا رجعة. وكلنا يعرف كيف كانت دولة الهالك عفاش تدير القضايا الكيدية لإذلال شرفاء الجنوب.

لكن، في الآونة الأخيرة، جاءنا من أعاد سيرة أزلام عفاش في البسط على أراضي أهالي عدن عموما والعقارب خصوصا، بل لقد فاقوهم في الجرأة على النهب والعدوان على أبناء عدن، فراحوا يحاولون اغتصاب أراضي بير أحمد التي تخص العقارب، مستندين إلى كثرة أعداد ميليشياتهم المسلحة، المندفعة على أهل مدينة عدن بأنفاس مناطقية كريهة، فما كان للشيخ مهدي وأبناء عمومته العقارب إلا أن يقفوا في وجه محاولات سلب ونهب أراضيهم، فلما أعياهم الرجل، لجأوا الى بقايا الدولة العفاشية العميقة في القضاء، الذين أخرجوا من أدراجهم القديمة ملف تلك القضية الكيدية، التي عفا عليها الزمن، ولربما تكون قد سقطت بالتقادم، ليعيدوا فتحه بحق الشيخ مهدي العقربي، رغبة في إذلاله وإذلال أبناء عمومته العقارب، ومعهم يذلون كل حر من أبناء عدن قام ينافح عن حقه السليب.
ولم يكن لهم مرونة أزلام عفاش في التصرف مع شخص بحجم الشيخ مهدي، بالاكتفاء بإدارة الصراع في القضاء، بل وجهوا ميلشياتهم المسلحة لاعتقال الشيخ مهدي العقربي والزج به في السجن، زاعمين أنه تنفيذ لأوامر القضاء، وأين القضاء العادل الذي لم يبت في القضية منذ عام 2014؟

إننا هنا -أبناء عدن- نذكر الخيرين في المجلس الرئاسي ومجلس القضاء الأعلى والنائب العام بضرورة أن يتصدوا للضيم الواقع على أبناء عدن ممثلين في ابن المدينة البار الشيخ مهدي العقربي، وأن يوقفوا محاولة عصابات نهب الأراضي المناطقية الاستعانة بمندسي الدولة العميقة في القضاء، لكي يذلوا أبناء عدن، ويسلبوا أراضيهم وأملاكهم، فمكانة القضاء سامية، ولا ينبغي تدنيسها بتسخير القضاء لإدارة القضايا الكيدية على أبناء عدن، ولتمكين عصابات النهب من أراضي أبناء عدن. ونقول لهم كذلك هل يرضيكم أن تتركوا مليشيات النهب طليقة اليد في أبناء عدن، فتسلب أراضيهم، وتعتقل أحرارهم، وتذل رموزهم، وتنشر الفوضى وتثير القلاقل والفتن؟

وصرخة تنبيه في آذان الشرفاء في المجلس الانتقالي، أين موقفكم من الضيم الواقع على ابن عدن البار الشيخ مهدي العقربي وغيره من أبناء عدن؟ إن كل ما تقوم به المليشيات المنتسبة إلى مجلسكم محسوب عليكم، وسكوتكم سيفسره أهالي عدن بالرضى والتواطؤ على نهبهم وإذلالهم. فهل لكم من صوت يقول للمسيء كفى؟

أما مليشيات النهب فنقول لهم الأيام دول، فلا تغتروا بما لديكم من وهم القوة، فقد كان عفاش أكثر قوة وأعز نفرا، وأقل أذى، لكن أبناء عدن أسقطوا قوته ومرغوا جبروته في تراب عدن بعد أن فاض بهم كيل الصبر، فلا تمتحنوا صبر أبناء عدن.


محمود عبدالله