حوارات وتحقيقات

الخميس - 22 سبتمبر 2022 - الساعة 09:24 م بتوقيت اليمن ،،،

كاتب من ظفار - سلطنة عمان

الوطن/كتب/خالد بن سعد الشنفري

بلغ تقوقع عمان على نفسها مداه في حقبة الستينات من القرن الماضي وأصبحت شبه معزولة عن العالم المعاصر ، هذه الإمبراطورية العمانية التي كانت قد تمددت لتصل حدودها بين قارتين في العالم ، فكانت جزيرة زنجبار في إفريقيا ومينائي جوادر وبندر عباس في آسيا أطرافها البحرية وكانت تتسيد البحار تجارة وحماية بحرية باسطول بحري تجاري وعسكري كبير وأرسلت أول سفير عربي معتمد لدى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1840م

يبدو أن الدول كالبشر تكبر وتهرم فتضعف فأصبحت هذه الإمبراطورية في عز وهنها في حقبة الستينات فانفصلت زنجبار عن عقد الامبراطورية الى تنزانيا وبندر عباس الى إيران وبيعت جوادر إلى باكستان ، حتى مناطق السلطنة الحالية شابها هذا الانفلات فأصبحت شتات بين عمان الداخل وباطنة عمان وظاهرتها وشرقيتها رغم قرب المسافة بينهما ، اما ظفار تلك القابعة في أقصى جنوب عمان والحدودية مع اليمن رغم انها اصبحت مقر حكم السلطان سعيد بن تيمور والد السلطان الراحل قابوس بن سعيد مفجر وباني نهضة عمان الحديثة في العام 1970م إلا انها بدورها أصيبت بالوهن خصوصاً انها لم تكن ترتبط بمناطق عمان الاخرى بأي طريق بري سالك حيث تفصل بينهما أراضي صحراوية وعره شاسعه تتجاوز ألف كيلو متر ولا منفذ عدا البحر والسفر عن طريقه وهذا أيضا لايخلوا من المشاق وعبوره يتم عن طريق سفن الشحن الخشبيه الصغيره في تلك الفترة فانفصلت بدورها عن حاضنتها والعالم وساءت فيها الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والصحية إلى اقصى درجة وخيم عليها الثالوث الخطير؛ الجهل والفقر والمرض فأندلعت في جبالها ثورة ضد الحكم وأصبحت الأسر شبه معتمدة في معيشتها على ما يحوله لها ابناءها المغتربين في دول الخليج النفطيه ، فلم يجد المواطنين والتجار امامهم ملاذ إلا الجاره الجنوبية عدن فاعتمدوا على التجارة البحرية معها لقرب وسهولة ذلك وقد كانت في اوج نشاطها الاقتصادي والتجاري آنذاك مع العالم .

هنا يتجلى دور..رابضة.. وبدية..عنوان مقالنا هذا وهم تجار يملكون وكالات تجارية في دول الخليج وبعض الدول ومركزهم الرئيسي في عدن ، صالح احمد رابضة وعبد الله سعيد بدية قاموا بدور يشكرون عليه في التعامل مع تجار ظفار والمغتربين الظفاريين في الخليج ومراعاتهم في ذلك تقديراً للجيره والعلاقات الإنسانية منذوا القدم وقد بداء ذلك مع كبار تجار ظفار الذين يعرفونهم كالتاجر فرج الهزيلي (بن راكزه) ثم توسع الأمر بعد ذلك مع عدد من تجار ظفار مع توسع النشاط التجاري بين عدن وظفار وتولد الثقه بين تجار البلدين.

لم تكن هناك من وسيله لدى المغترب الظفاري في الخليج لتحويل أمواله إلى الداخل الا عن طريق تحويلها ابتداء الى اى من هذه الوكالتين الرئيسيتين رابضة او بدية إضافه الى بعض الوكالات الاخرى كـ أحمد عبد الله بن تمام واخوانه والوكيل باشنفر وغيرهما في عدن.

كان المغترب الظفاري في أي دولة خليجية يحدد لفرع الوكالة التاجر في الخليج المبلغ الذي يرغب في تحويله لتستلمه عائلته في ظفار بكل سهوله ويسر ، تتراسل هذه الوكاله مع تجار ظفار بواسطة الرسائل عن طريق سفن الشحن الخشبية التي كانت تجوب البحر باستمرار بين عدن وظفار
وكانت لهذه الرسائل صيغ مختصرة ومتعارف عليها فيما بينهم وكأنها رسائل التليجرام القديمة وتبداء بجملة ؛ من بندر عدن الى بندر ظفار او العكس ويتم الإتفاق فيها على نوعية البضائع التي يطلبها التاجر الظفاري حسب الحاجه اليها آنذاك مقابل المبالغ التي تم ارسالها من المغترب لصالحه بل وأكثر من ذلك بأجل وبدون فوائد ليقوم هذا التاجر الظفاري بتسليم هذه الحوالات لأصحابها في شكل نقود او بضائع للشخص او العائله المرسله له من إبنه او قريبه العامل في الخليج وكل ذلك دون ان يتحمل المغترب المرسل او أهله المرسل اليهم أي رسوم خدمة على ذلك ، لقد كانت علاقات تجارية يسودها الثقة وفي منتهى الروعة والإنسانية يشكرون جميعاً عليها وعلى رأسهم رابضة وبدية.

لم يقتصر الامر على ذلك فحسب بل تعداه الي خدمة توصيل رسائل هؤلاء المغتربين من البلدان الخليجية الذين يضطرون للبقاء هناك لعدة سنوات دون العودة لطول فترة السفر بالبحر والتي تستغرق أشهر ولا وسائل اخرى للتواصل سوى الرسائل ، كان دكان التاجر المعروف في ظفار فرج الهزيلي (بن راكزه) هو مقر تسليم واستلام هذه الرسائل .. شكراً عدن .. شكراً رابضة وبدية.. ونسأل الله الرحمة للتاجر فرج الهزيلي ولعدن ان تعود عزيزة كما كانت ومنارة في الجنوب العربي .