الوطن العدنية/كتب/أنور الصوفي
مع صباح يوم جميل ذهب مشقوم إلى صاحبه مفتهن الذي انتقل إلى العاصمة، فوصل مشقوم إلى فلة كبيرة تحيط بها الأسوار، فوقف أمام البوابة وهو يتمتم بكلمات مفادها: رحم الله تلك الأيام التي مرت وأنت يا مفتهن تصبح محتبي فوق امسوم على قلية وقهوة، وبينما هو كذلك حتى فُتِحَ له الباب، فمد يده ليسلم، ولكنه لم يجد أحدًا، وكان صاحبه مفتهن ممددًا على كرسي جميل ووفير وكان ينادي عليه ادخل ادخل يا مشقوم، فدخل مشقوم وهو يردد: حتى الباب ينفتح لنفسه يا صاحبي؟ رد عليه مفتهن بضحكة وهو يردد: العلم العلم يا صاحبي، تمتم مشقوم بكلمات: أيش من علم وأنت ما دخلت مدرسة، وقال بصوت مرتفع، وين امقهوة وامقلية يا مفتهن؟ قال مفتهن: تشتي كوفي، قال مشقوم: معي كوفيتي، ضحك مفتهن، وقال: كوفي كوفي يا مشقوم قهوة مطورة، قال مشقوم: حتى امقهوة طوروها؟!
رأى مفتهن أن رجل صحبه مربطة، فسأله عن سر الرباط، فقال مشقوم دقدقتنا الطلعة والنزلة، كلما جاءت الكهرباء جرينا نشغل الدنمو، وطلعنا نراقب الخزان هل امتلأ وإلا لا، وعلى هذه الحالة يوميًا، وإذا ما جاء الماء نشفط حتى تورم رؤوسنا.
فقال مفتهن: أنا أسألك أيش كسر رجلك؟ فرد مشقوم، أقول لك: الطلعة والنزلة، طحست وانكسرت وأنا أتابع تعبئة الماء، فقال مفتهن: شي معك جواز أحمر؟ ضحك مشقوم وهو يردد معي شال أحمر، رد مفتهن أقول لك شي معك جواز أحمر؟ إذا معك باطلعك مصر تتعالج، رد مشقوم ليش طالع مصر قريب؟ قال مفتهن بكرة طالع مصر، قال مشقوم: عادك جيت، قال مفتهن والله يا صاحبي نغير لنا جو، فضحك مشقوم وقال: أنتم طلعة نزلة إلى مصر، ونحن طلعة نزلة نتابع الماء فوق السطوح لما اتكسرت أرجيلنا.
قال مفتهن: أقول لك معك جواز أحمر؟ قال مشقوم: أقول لك معي شال أحمر ينفع، قال مفتهن: جواز جواز خل امفلسفة، قال مشقوم: ليش عاد الجواز بألوان، قال مفتهن: الجواز الأحمر حق، وسكت، وقال اقرب اقرب سأقول لك حق من، فهمس مفتهن في أذن مشقوم، وتغيرت ملامح مشقوم، وهو يكتم ضحكة وهو يردد ليه يعني أنت دب، ولم يتركه مفتهن يكمل، فمسك مفتهن على فمه، وهو يردد: يه يه، أنا دب اسكت اسكت، وبانخرج لك جواز أحمر وباتكون كمانا دب، وباتسافر حيثما تريد، وعلى حساب الدولة، فقال مشقوم ليش كل دب يسافر بلاش؟ قال مفتهن، وعادهم يعطوه وبالدولار، فرد مشقوم، هاشفني دب من الآن
