أخبار محلية

الثلاثاء - 22 ديسمبر 2020 - الساعة 09:45 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية /تقرير_جعفر عاتق


عرضت قناة روسيا اليوم "RT" لقاءً مع كبير المستشارين العسكريين السوفييت في اليمن الجنوبي سابقا الجنرال الروسي بيني تشيرنيشوف.

وأشار إلى انه قبل توجههم صوب اليمن الجنوبي قام مسؤولون في المكتب العاشر والاركان الخاص بالخبراء العاملين في الخارج بإجراء احاديث عن كيفية التصرف والسلوك في هذا البلد.

وأضاف الجنرال تشيرنيشوف: قالوا لنا اياكم ان تتدخلوا في شئونهم السياسية الداخلية فهذا أمر هام جدا ولا يقبلون المساس به.

وخلال اللقاء تحدث المستشار العسكري السوفييتي عن مكانة وهيبة الرئيس الأسبق سالم ربيع علي "سالمين" ووصفه بالزعيم القوي بكل معنى الكلمة.

وأكد أن الرئيس سالمين كان يحظى بشعبية كبيرة في البلاد وكانت شخصيته مقدسة بين أوساط الشعب الجنوبي.

ونوه إلى أن وزارة الدفاع في الجنوب قامت بتكريمه مع انتهاء فترة عمله وأعلنت تقديم مكافاة فائقة القيمة على عمله حيث كانت المكافاة صورة للرئيس سالم ربيع علي "سالمين".

ولفت إلى أن المسؤولين في اليمن الجنوبي كانوا يتابعون كل شيء في البلاد وخصوصا بالجيش.
وقال المستشار العسكري أن الحكومة الجنوبية آنذاك كانت ترسل إشارات للدول المجاورة والصديقة بقدرتها الدفاعية على صد أي هجوم وذلك عن طريق تأهيل الجيش وتدريبه.

وبحديث الجنرال الروسي "تشيرنيشوف" عن الرئيس الراحل سالم ربيع علي "سالمين" فسنبحث خلال هذا التقرير عن سيرته ومرحلة حكمه لليمن الجنوبي.

سالمين والحكم:

يعد الرئيس سالـم ربيّع علي والذي اشتهر باسم "سالمين" المولود في محافظة أبين عام 1934 أحد رؤساء اليمن الجنوبي سابقا، وكان أحد الثوار ضد الاحتلال البريطاني جنوب اليمن، وتقلّد أدواراً سياسية في الجبهة القومية لتحرير الجنوب حتى تحقّق الاستقلال الوطني، وكان عضواً قيادياً في الجبهة القومية الحاكمة، وبعدها بنحو عام ونصف العام من الاستقلال، تقلّد رئاسة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في 22 يونيو 1969 عقب الانقلاب على الرئيس قحطان الشعبي.

وأثناء عهد الرئيس سالمين، تم تغيير اسم الدولة من جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وذلك في 1 ديسمبر 1970، لينضم جناح الرئيس سالمين عقب ذلك إلى عدة أطراف سياسية يسارية أخرى لخلق التنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية غير أنه عارض فكرة الحزب الاشتراكي اليمني التي طرحها عبد الفتاح إسماعيل.

اتّسمت الفترة الأولى للرئيس سالمين بالاندفاع نحو اتجاه الاشتراكية العلمية، فصدر قانون تأميم الشركات والمصارف ثم قانون الإصلاح الزراعي، ووضعت خطط تنموية ثورية، بيد أنه في منتصف السبعينيات حدث نوع من التحوّل التدريجي في توجهات سالمين، لذا ابتعد عن التوجه الماركسي وأراد التحرّر إلى درجة كبيرة من اشتراكية موسكو، وارتبط بالتجربة الصينية في عهد الزعيم الصيني حينها ماوتسي تونغ.

شخصية سالمين:

عمل سالمين على تحسين علاقته بدول الجوار العربي وبخاصة السعودية والإمارات ومصر واليمن الشمالي، عقب فترة من القطيعة مع بعضها والعلاقة الفاترة مع البعض الآخر.

امتلك الرئيس سالمين كاريزما قيادية فريدة من نوعها بالإضافة إلى شعبية واسعة بين أوساط الشعب حتى أصبحت حياته البسيطة حديث الناس حينها.

كان الرئيس سالم ربيع علي أكثر التصاقا بالشعب، ويقوم بالكثير من الزيارات إلى المصانع والورش الإنتاجية والمدارس ويتجول في الشوارع والقرى والصحراء والساحل، مستمعا لشكاوى المواطنين وطلباتهم، ومطلعا على جوانب حياتهم.

عاش الرئيس سالمين مرحلة الزخم الثوري الأولى عندما تولى رئاسة الدولة نهاية الستينيات، وكان متحمسا جدا للاتجاه الماركسي، إلا أنه في منتصف السبعينيات بدأ يميل عن هذا التوجه، ولذلك لم يكن متحمساً لولادة حزب طليعي كالأحزاب الشيوعية في دول المنظومة الاشتراكية.

نشأت الحركة اليسارية في جنوب اليمن مبكرا وانطوى تحت رايتها الكثير من السياسيين والمثقفين، وما يجدر الإشارة إليه أن الحركة اليسارية لم تكن موحدة أصلاً، فكان لها أكثر من تنظيم حركي، ويأتي في مقدمها التنظيم السياسي للجبهة القومية، واتحاد الشعب الديمقراطي ذات الاتجاه الماركسي، وحزب الطليعة الشعبية ذات الاتجاه البعثي.

علاقته مع الصين:

ويقول مراقبون ومحللون أن موقف الرئيس سالمين من الحزب الطليعي كان يرتبط في الأساس بموقفه السياسي الخارجي من الصراع بين القوى الثورية من جهة والقوى الإمبريالية من جهة أخرى، فقد كان يدّعي الثورية والعداء للإمبريالية، بينما هو في الواقع العملي يمارس مواقف رجعية تجاه الحركة الثورية العالمية ويفضل التعامل مع البؤر الانشقافية في الأحزاب الثورية العالمية التي تعادي الدول الاشتراكية وفي طليعتها الاتحاد السوفياتي.

وفي منتصف السبعينات من القرن الماضي وثق الرئيس سالمين علاقته الجيدة بجمهورية الصين الشعبية التي كانت حينها في خلاف مع الاتحاد السوفييتي.

دعمت الصين نظام الحكم في اليمن الجنوبي بعدد من المشاريع التنموية في عدد من المحافظات، وأهمها مشروع الطريق الإسفلتي الرابط بين عدن وحضرموت.

علاقة الرئيس سالمين القوية بجمهورية الصين الشعبية لم ترق للرفاق في الجبهة القومية لتبدأ الخلافات في الظهور علنا مع رفض الرئيس سالمين قرار اللجنة المركزية والمكتب السياسي للجبهة القومية الخاص بإنشاء حزب طليعي "اشتراكي" بدلا من تنظيم الجبهة القومية.

اغتيال الغشمي:

اغتيل الغشمي في مكتبه بالقيادة العامة للجيش اليمني "الشمال" في 24 يونيو 1978؛ إثر انفجار حقيبة ملغومة - حملها إليه من عدن شخص يدعي "مهدي أحمد صالح" المشهور بتفاريش، والذي كان مبعوثا رئاسيا من الرئيس سالم ربيع علي "سالمين".

وجّهت أصابع الاتهام في اغتيال الغشمي لأكثر من طرف في قيادة الحزب (الاشتراكي) بالجنوب وعلى رأسهم سالمين، وإثر ذلك عقدت جامعة الدول العربية اجتماعًا طارئًا - على مستوى وزراء الخارجية العرب - هدف إلى اتخاذ موقف عربي ضد نظام الحكم في عدن؛ لضلوعه في عملية الاغتيال.

وعقب عملية الاغتيال أعلنت خمس عشرة دولة عربية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

خرج الرئيس سالمين متوعدا بالانتقام من قتلة الرئيس الغشمي لكنه لم يمكث طويلا ليلحق به إثر نجاح عملية الانقلاب ضده.

الانقلاب ضد سالمين:

وفي اليوم التالي من حادثة اغتيال الغشمي دعت اللجنة المركزية لاجتماع استثنائي لغرض تحميل الرئيس سالمين قضية اغتيال الغشمي كمخرج من المأزق الذي كان يحيط بالدولة في الجنوب.

اتخذت اللجنة المركزية قراراً بتنحية سالمين وإحالته إلى المحاكمة وكلفت المكتب السياسي بالتنفيذ.

على إثر ذلك دعا المكتب السياسي لعقد اجتماع في مجلس الوزراء في منطقة الفتح بالتواهي لتنفيذ القرار إلا أنهم أجلوا الاجتماع إلى التاسعة مساء، ولم يشعروه بالتغيير، ولذلك عاد الرئيس سالمين إلى قصر الرئاسة وفي التاسعة مساء تم الاتصال بالرئيس من قبلهم، إلا أنه لم يحضر معتبرا أن هناك تلاعبا بالتوقيت لتفادي حضوره.

وفي تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل أطلقت الشرطة العسكرية ست طلقات نارية في الهواء من ميدان الشرطة العسكرية المقابل لقصر الرئاسة، وكانت إشارة البدء بالهجوم على الرئيس سالمين، ثم قاموا بقطع التيار الكهربائي على منطقة الفتح بالكامل، وماهي إلا دقائق حتى بدأ إطلاق النار من جهات متعددة، على القصر الرئاسي واستخدمت فيه كافة أنواع الاسلحة حتى الصباح لتبدأ الطائرات الحربية والزوارق البحرية بالمشاركة.

وفي مساء 26/6/1978 قرر الرئيس سالمين الاستسلام إثر ازدياد الهجوم عنفا مع نفاد الذخيرة عن قواته المتصدية للهجوم.

شكلت اللجنة المركزية محاكمة مستعجلة للرئيس سالمين في يوم استسلامه مع عدد من الضباط الذين صمدوا معه وأصدرت المحكمة حكما ضدهم بالإعدام ليتم التنفيذ بعد ذلك مباشرة.