مقالات وكتابات


الأحد - 29 أغسطس 2021 - الساعة 09:02 ص

كُتب بواسطة : جمال أبوبكر السقاف - ارشيف الكاتب




مرّ عامنا الهجري ١٤٤٢، بألآمه وآماله، وأفراحه وأحزانه، ذهب فيه أخيار كثر، بين أقارب وعلماء ومصلحين من كل فن، بفايروس كورونا، وغيرها من الأسباب.
وفيه أيضا ظهرت مواهب، وأنارت كواكب في أكثر من فن، وهذه سنة الله في ذلك، تغلق أبواب، وتفتح أخرى، وذلك أن الحياة مجال تنافس وتدافع، ومكان حرث.
فمن جد وجد...ومن زرع حصد.
فلا مجال فيها لليأس أو القنوط،( إِنَّهُۥ لَا یَا۟یۡـَٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ)
[سورة يوسف 87]
(وَمَن یَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦۤ إِلَّا ٱلضَّاۤلُّونَ)
[سورة الحجر 56]
وإنما فيها الكدح والكد والنصب، فمن كان كدحه إلى خير، فقد أحسن الغرس، ومن كان إلى غير ذلك، فلايلومن إلا نفسه.
فالكل يغدو، والفرق في نوع السعي، فبائع نفسه فموبقها، وبائع نفسه فمعتقها.

ودوما مايحلو لبعضنا، مقارنة عامه بماضيه من الأعوام، فيستجر الذكريات، ويتأوه لذلك، مطلقا زفرات حسرة على ذلك الماضي الجميل بظنه.
فلايجمل الزمن أو يقبح أو يمدح ويذم، إلا بما يعمل فيه الإنسان، فالعيب حقا، في الإنسان الفاعل، لا في الظرف من مكان وزمان الفعل.
نعيب زماننا والعيب فينا** وما لزماننا عيب سوانا.
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب** ولو نطق الزمان لنا هجانا...
واللبيب العاقل هو من استلهم العبرة من ماضيه، ليستفيد في حاضره، كالتاجر تماما، وهكذا بين كل عامين أو أقل، نستحضر مثل تلك المقارنات.
ولايخفى أن السنن الكونية لاتحابي أحدا، وأن الأيام دول. (وَتِلۡكَ ٱلۡأَیَّامُ نُدَاوِلُهَا بَیۡنَ ٱلنَّاسِ )
[سورة آل عمران 140]
فالمؤمن الأصل أنه كالغيث، حيثما حلّ نفع.
والأصل فيه أنه يسير وفق تلك السنن، فيعمل بأسباب التمكين، ويستلهم الدروس والعبر ممن سبقه، ويرسم على ضوئها استشراف المستقبل، فيمضي حياته في جهاد بكل أنواعه، فيضرب في الأرض يبتغي من فضل الله، ويستعمر الأرض بما يرضي الله تعالى((هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ وَٱسۡتَعۡمَرَكُمۡ فِیهَا)
[سورة هود 61]
وأخيرا:
فالمؤمن كيس فطن، يعمل لدينه بإيجابية، وحسن ظن وتفاؤل، حسب الممكن والمتاح،(لَا یُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ)
[سورة البقرة 286] ولدنياه بما تكون زادا لأخراه.
اللهم ألهمنا التوفيق والسداد والهدى والقبول والرشاد.