مقالات وكتابات


الأحد - 13 يونيو 2021 - الساعة 06:24 م

كُتب بواسطة : عبدالكريم سالم السعدي - ارشيف الكاتب




(1)
الأمم التي تجتهد في دفن ماضيها وتتناساه وتتجاهل تجاربه ستواجه صعوبة في إقناع نفسها ومحيطها بمتغيرات حاضرها وسيكون من الصعب ولوجها إلى مستقبلها إلا من بوابة تكرار الأخطاء واستدرار الصراعات .

(2)
من يبدد وقته وجهده في محاولة تحدي ومخالفة طبيعة الأشياء بتبني إمكانية إيلاج المشاريع الوطنية في سم خياط المشاريع السياسية فهو كمن يتصعد فكره في سماء المجهول وبالتالي فهو يشكل الخطر الأكبر على كِلا المشروعين الوطني والسياسي في أي بقعة جغرافية.

(3)
الجنوب وطن وليس مكون سياسي ولا حزبي ولاجمعية خيرية وبالتالي فالتظير الذي يذهب باختزال الإنتماء الوطني لهذا الجنوب في شرط الإنتماء للمكون الفلاني او الحزب العلاني هو تنظير يحتاج إلى إعادة تأهيل للمنظر الذي يقف خلفه .

(4)
مأساة الجنوب تشكلت عندما مارس مكون بعينه الاستحواذ على قرار هذا الجنوب وامكاناته ، وتبلورت وترسخت عندما اتبع هذا المكون سياسة من ليس معي فهو خائن ويفتقد إلى مقومات الوطنية والانتماء وبالتالي فهو ضدي وعليه ولسلامة رأسه اتباع خيارين احلاهما مر فأما الالتحاق بي والذوبان في زواياي والعيش في الظل بقية حياته أو مغادرة هذا الجنوب .

(4)
هناك بعض دعاة الفكر في الجنوب يريد اقناعنا بأن تلك التجربة(المأساة) تُعد نموذجا يجب الاحتذاء به وتكراره إذا سنحت الظروف ويحيطون قناعاتهم تلك بمبررات عده أقل مايطلق عليها أنها تعد استمرارا لخطاب الاستخفاف بالعقل الجنوبي ، فلو أن ذلك النموذج كان ناجحا لبقي هؤلاء الدعاة حكاما .

(5)
ثقافة التلاعب بالمفردات وصناعة الوهم قد تنجح في استغفال بعض العقول ولكنها لن تستطيع خلق اسباب استمراريتها ولن تستطيع ان تتُحوّل إلى مداميك يمكن البناء عليها ، وإذا ما طغى الخيار الشاذ وتم البناء على مفردات تلك الثقافة فأعلم أن الاقدار تريد أن تزيد من وقع ألم السقوط والانهيار كعقوبة للعقول التي تخضع لمثل هذه الثقافة ومفرداتها ودُعاتها.

(6)
الجنوب الذي كانت حدوده (الحراكية) ممتدة من المهرة إلى باب المندب باتت حدوده اليوم تقتصر على مديريتين في محافظة لحج وتمتد إلى الشيخ سالم في م/أبين وتغتصب عدن في رحلة المرور بين انقاضها ، ومع ذلك يأتي من يريد إقناع الجنوبيين أن من تسبب في هذا الانحسار الحدودي الثوري والفشل السياسي أحق بالاتباع وان من يأبى اتباعه إنما يخلط بين مفهوم الوطن والسلطة ، ويفتقد إلى التمييز بين المشروع الوطني ومشروع السلطة ، ويخضع لتاثيرات الشرعية ، وحزب الإصلاح ، ووووغيرها من الاسقاطات التي لا تُقنع ولاتغني من جهل ..

(7)
يصر بعض سدنة حقبة الفشل الاشتراكية على حصر الجنوب كوطن في مكوني الشرعية والانتقالي فتراهم كعادتهم يوزعون صكوك الوطنية وفقا لثقافتهم المندثرة ، فالجنوبي الذي لا يتبع جماعتهم الانتقالية يتم الحاقه مباشرة بالشرعية ، والتوصيف جاهز وهو أنه (ضل الطريق وخلط ما بين الوطن والسلطة) على اعتبار انهم يمثلون الوطن والشرعية تمثل السلطة!!

(8)
لاخوف من شطحات سدنة الفكر الاشتراكي المترهل فالواقع كفيل بتفنيد اكاذيبهم وادعاءاتهم كما فنّد قبل ذلك ادعاءات سيدهم علي عفاش الذي سبقهم واستضل من لهيب نيران ثورة أبناء الجنوب بقول فرعون (انهم لشرذمة قليلون وانهم لنا لغائظون) فهوى بعدها تحت سنابك الواقع من أعلى قمة غرور ديكتاتوريته إلى حضيض البطانية ابو تفاحة !!

(9)
لا يستحق لقب مفكر من يتضاءل ليصبح حبيسا لزاوية حزبية او رهينا لحقبة تصارعية معينة ، فالمفكر هو من يجتاز كل الحدود ويتمرد على كل القيود ويكون اكبر من ان تحتويه ميول حزبية ، ويكون الوطن هو فضاءه الذي يحلق في ارجائه ، فلم نسمع يوما او نقرأ عن فيلسوف أو مفكر قام بعمل اعلانات مبوبة لسلعة او مكون او حزب !!

( عندما تتحطم القيود يكون الفكر دستور حياة)

عبدالكريم سالم السعدي
12 يونيو 2021م