مقالات وكتابات


الأحد - 06 يونيو 2021 - الساعة 08:45 م

كُتب بواسطة : معاذ مدهش - ارشيف الكاتب


ثمة سر لا أستطيع استيعابه!
ما الشبه بين الغربة وطائر الغراب؟
ربما اشتق اسم أحدهما عن الآخر، وباعتقادي أن لفظة الغربة مشتقة من الغراب. في الرواية الدينية ذُكر الغراب بشدة ذكائه إذ إنه علم قابيل دفن أخاه. ابن آدم لم تخطر بباله فكرة الدفن بادئ الأمر، وما كان سيفكر بذلك إطلاقًا لولا الغراب. رغم أن الإنسان تلقى معرفة الأشياء مسبقًا حسب الذكر الديني. اتضح لنا أن الغراب أذكى من الإنسان، ولم يبرز ذكاؤه في الخير، بل بالشر. كان بإمكانه تنبيه الأخ قبل أن يقتل أخاه لا وقت الدفن.

منذ الأزل والغراب نذير شؤم وبلاء، القصص المرعبة لا تخلو من ذكره. العرب أيضًا كانت تضرب به المثل في السواد والحذر ويتشاءم منه. "أين الخير من وجه الغراب" آمنت بهذا المثل عن تجربة حقيقية! بعيدًا عما قيل فيه مسبقا، أدركت ذلك حين شاهدته يترك مخلفاته على الأكل المتروك فوق الطاولات مرات عدة، وعندما يرفع صوته بتعمد واضح في أوقات تكدر الإنسان. هذه الأشياء يشكو منها الجميع على ما أظن. الغراب الحجم الأكبر لا يعاندك مباشرة كصديقه الوقح الأقل حجمًا!! الأخير يوجد في عدن بعدد البشر كافة، في الغالب هو العائق الأول لتأخري عن المحاضرة الأولى حين أتأخر، أكون قد غسلت ثيابي مساء وتركتها في سطح السكن تجف، ثم أفاجأ صباحًا بمخلفاته عالقة عليها، يضع برازه على الثياب بدقة عالية، يسقطه بمهنية ذكية، لا يخفق أبدًا، لا يضعه عشوائيًا! بل يركز على المواضع جلية الوضوح.

وبعدها أظل أشطف أثر أمعائه الذي لا يزول بالكامل مستعينا بشمس الصباح، وأنطلق كالعادة متأخرًا، أقف أمام الدكتور بحرج شديد، من سبقني بلحظات اتخذ من ازدحام الشارع عذرًا. يسألني .د. لماذا تأخرت "وينك يا بن مدهش للآن؟"
أنظرُ نحو ختم الغراب على كتفي كحجة كافية ولا يفهم، "أهقرع" بنظري مرة ومرتين وثلاث دون جدوى.
-يا دكتور الغراب سَلحَ على ثيابي... لا لا هذا عذر سوقي لن ينجيني إذا قلته، ألوذ بالصمت مكتفيًا بحمرة الوجه والخجل الشديدين. بعد المحاضرة أرسلت للدكتور_إنه الغراب_يا دكتور ضحك قائلًا الآن بتقول: إن الأغربة حقنا عنصريين.