إسلاميات

الجمعة - 11 نوفمبر 2022 - الساعة 11:44 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية / متابعات

حكم الصلاة بالحذاء يَجوزُ الصَّلاة بالحِذاء وتكون الصَّلاة فيه صحيحة، بل وتُعدُّ الصَّلاة به سُنَّة ويُستحب ذلك شَريطَة أَن يَكون الحِذاء طَاهراً من النَّجاسة،[١][٢] وأًدلة الجًواز عديدة، ومنها ما ثبت في الصَّحيحين أنَّ أبا سَلَمة سعيد بن زيد -رضي الله عنه- قال: (سَأَلْتُ أنَسَ بنَ مَالِكٍ: أكانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي في نَعْلَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ)،[٣] وأيضاً قول الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (خالِفوا اليهودَ؛ فإنَّهم لا يُصَلُّون في نِعالِهم ولا خِفَافِهم).[٤][٥] وهذا الجَواز يَشمل الصَّلاة سواء كانت بالمَنزل أو المَسجد، فلو كان المسلمُ مُرتدياً لِحذائه لا يَجب عليه خَلعه لتصِحَّ صَلاته، بل ويستطيع المَشي في المَسجد بالحِذاء ولا مَانع شَرعيّ في أصَل ذلك، ولكن ولِما تَحتَويه المَساجد حَالياً من البُسط والفرش ينبغي لمَن يَدخل المَسجد أَن يَخلع حِذائه لِكي لا يؤذي غيره من المُصلِّين لا لعدم جواز الصَّلاة بالأَحذية، وقد كان النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- والصَّحابة الكِرام يُصلُّونَ أحيانا بالأَحذية وأَحيانا حُفاة، وأمَّا سنَّة الصَّلاة بالحِذاء فقد تُطبَّق في أماكن أُخرى كالمَنزل أو أيّ مكانٍ بِصورة لا تُفضي إلى ضَرر.[٦][٧] كما يجب التَّذكير أنَّ الطَّهارة سَواء كانت بالبدن أو باللِّباس أو بِمكان الصَّلاة فهي شرط من شُروط صحَّة الصَّلاة، فلا بدَّ للمُصلِّي بِحذائه التأكّد أولاً من خُلوّه من النَّجاسات، فإِن وَجد فيه نَجاسة خَلعه ولا تَصحُّ الصَّلاة به حينئذٍ، ودليل ذلك فِعل الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- عندما خَلع حِذائه وسَأله المُصلُّون عن سبب ذلك فقال: (إنَّ جِبريلَ عليه السلامُ أَتاني فأخبَرَني أنَّ فيهما قَذَراً).[٨][٩] حكم الصلاة بالحذاء داخل المسجد يَجوز الصَّلاة بالحذاء كما تقدَّم سابقاً، ويجوز أيضاً الصَّلاة بالحذاء في داخل المَسجد، فقد دلَّت السُّنة القولية والفعلية على جواز ذلك إن كان الحذاء طاهراً،[١٠][١١] ولكن يجب الأَخذ بعين الاعتبار الاختلاف بين طَبيعة المَساجد في زمن الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومساجد اليوم؛ حيث إنَّ المساجد سابقاً كانت تحتوي على حصى وتُراب، فلا يَنتج عن الدُّخول إليها بالحِذاء أيّ أَذى أو ضَرر؛ أمَّا مساجد اليوم فأغلبها -إن لم تكن جميعُها- تحتوي على أَنواعٍ فَاخرةٍ من السِّجاد والفرش والبَسائط، ممَّا قد يُؤدِّي إلى تَلفها في حال الدُّخول المُتكرِّر إليها بالأَحذية، بالإضَافة إلى الأَذى الذي قد يلحقُ بالمصَلِّين الآخرين من ذلك، وقد خَلع النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- حذاءهُ عندما تفقَّدها ووجَد فيها أذى، وذلك حتّى لا يُؤذي المَسجد والمصلِّين، وفَعل الصَّحابة ذات الشيء، فدلَّ ذلك على أنَّ الأَصل جواز الدُّخول إلى المسجد بالأحذية والصَّلاة فيها، إلا أنَّ هذا الأَصل بالجواز قد يتغير إلى عَدم الجواز في حال أدَّى إلى ضررٍ وأذى، وهذا هو الحال في يومنا الحاضر.[١٢][١٣] كما يجوز للمُسلم الدُّخول بالحِذاء إلى المسجد إن تأكَّد من نَظافة حِذائه وقام بإزالة النَّجاسات والأوَساخ عنه، على أنَّ الأفضل تجنُّب ذلك ونزع الحِذاء والدُّخول بدونه؛ وذلك لأنَّ تكرار دُخول المصلِّين بالأحذية حتّى وإن كانت طاهرة ونظيفة سيؤدي ذلك إلى اهتراء الفرش التي تحتويها المساجد.[١٤] وللمسجد النَّبوي والمسجد الحرام خُصوصيّة عند بعض أهل العلم عن باقي المساجد؛ فنظراً لمكانتهما الدينية المُتميِّزة عن باقي المساجد في بقاع الأرض فإنَّ الأولى عدم الدُّخول إليهما بالأحذية لمكانتهما المُقدَّسة، ولأنَّ سيدنا موسى أُمِر بخلعِ نعليه في الوادي المُقدَّس، كما ورد في قول الله -تعالى-: (إِنّي أَنا رَبُّكَ فَاخلَع نَعلَيكَ إِنَّكَ بِالوادِ المُقَدَّسِ طُوًى)،[١٥] وبناءً على هذه الآية الكريمة قِيست بقيّة الأماكن المُقدَّسة على الوادي المُقدَّس في تفضيل خلع الحِذاء فيها.[١٤][١٦] من مظاهر اليسر في الصلاة إنَّ الشَّريعة الإسلاميَّة مبنيَّةٌ على عددٍ من القواعِد والأُسس التي تتّسم باليُسر ورفع المشقَّة والحَرج عن المُسلمين، ونَجد هذه المَعاني في العديد من الآيات الكَريمة في كتاب الله -تعالى-، كما في قوله -تعالى-: (يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)،[١٧] وفي قوله -عليه الصَّلاة والسَّلام-: (إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ)،[١٨] وواحدة من أهم هذه القَواعد التي تَمحّضَت عن مبدأ التَّيسير في الإسلام قاعدة: "المَشقَّة تَجلب التَّيسير"؛ فإذا وُجدت المشقَّة في أيِّ زمان ومكان رُخِّصت الرُّخص لأهل الأعذار لِرفع هذه المشقَّة عنهم، ولتَمكينهم مِن أداءِ العِبادات وتَطبيق أوامر الله -سبحانه وتعالى-،[١٩] ولهذه القواعد التي نادت بالتيسير في الإسلام تطبيقاتٌ متنوعة في مَجالات شتَّى وجوانب عَديدة في الإسلام ومنها الصَّلاة؛ وذلك بدءاً من فرضها بخَمس صلواتٍ في العَدد وخَمسين في الأجر، فهي لا تأخذ من المُسلم وقتاً طويلاً ولا تمنعه من أداء مَهام يومه ولا تُعطّله عنها.[٢٠] ونَجد مَظاهر اليُسر أيضاً في الرُّخص المتعلِّقة بالصَّلاة والتي شرعها الله -تعالى- لِعباده من أَهل الأعذار؛ فلِلمسافر مثلاً رُخصة قَصر الصَّلاة الرباعيَّة والجمع بين الصَّلاتين جَمع تقديمٍ أو جَمع تأخيرٍ، وللِمريض وغَير القادر على القِيام الصَّلاة جَالساً أو مُتّكئاً أو مُستلقياً بِحسب حَاله وقُدرته، ومن قُطع عنه الماء فله التَّيمُّم بدلاً من الوُضوء والغُسل.[٢١][٢٢] والحَائض عليها قضاء الصِّيام وجوباً، ولا يجب عليها قضاء الصَّلاة التي لم تؤدِّها بسبب الحَيض؛ وذلك لأنَّ الحُكم في قضاء الصَّلاة فيه مشقَّة كبيرة ومخالفة للقواعِد العامَّة التي نَادت بها الشَّريعة الإسلاميَّة من رفعٍ للحَرج ودفعٍ للمشقَّة كما في قوله -تعالى-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)،[٢٣] ولأنَّ الصَّلاة تتكرّر في اليوم والصَّوم لا يتكرّر، فقد عُفيت الحَائض من قضاء الصَّلاة تيسيراً وتخفيفاً ورحمةً بها.[٢٤]