حوارات وتحقيقات

الجمعة - 24 يونيو 2022 - الساعة 03:46 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/كتب/عادل الشجاع

لابد أولا من الإجابة على السؤال ، ماهي العاهة ؟ العاهة هي حالة مرضية مستعصية تشل الجسد والذهن وتؤثر على التفكير وتصبح في معظم الأحيان مشكلة تؤدي إلى العجز في أداء الواجب على النحو المطلوب ، والعاهات لا تصيب الإنسان وحده ، بل تصيب الكيانات أيضا ، فتشل حركتها وتعرقل فاعليتها ، وهذا التوصيف ينطبق على معظم القيادات الحزبية اليمنية ، لكننا سنقتصر في حديثنا عن قيادات حزبي المؤتمر والإصلاح بوصفهما حزبين كبيرين كانا السبب في معظم الانهيارات التى حدثت للبلد وما زالا السبب في كثير مما يجري اليوم .

فما نحن فيه يستدعي قيادات الحزبين أن تتجاوز عاهاتها وأن تتخلى عن التصادم والاصطفاف مع الآخرين لاستعادة الدولة ، فلا الاصطفاف مع الحوثي سيعيد الدولة ولا الاصطفاف مع السعودية سيعيد الدولة أيضا ، وقد يسأل سائل ، هل يعني هذا الدخول في صدام مباشر مع السعودية ، الجواب لا ، فالمطلوب هو عدم السكوت على الممارسات الخاطئة التي تمارسها السعودية في اليمن ومطالبتها باحترام المصالح المشتركة بين البلدين وفق مصالح الدول المتعارف عليها ، لأن السكوت عن الممارسات السياسية الخاطئة ، ليس عملا سياسيا .

وأطلب من قيادات الإصلاح تحديدا أن تخرج من ثنائية إعلان مواقف وإبطان مواقف ، فهذه السياسة أثبتت فشلها وتضر بمصالح الحزب والمصالح الوطنية ، تحت وقع الضغوط على الإصلاح واتهامه بعلاقته بالإخوان المسلمين أوقع قياداته في فخ الثنائية القاتلة وجعلها تسكت عن كثير من المواقف المضرة بالمصلحة الوطنية ولم تدرك هذه القيادات أو بمعنى أصح لم تستوعب حساسية المرحلة .

ولست بحاجة إلى التأكيد بأن من أهم معالجة العاهات والأخطاء هو الاعتراف بها والبدء بمعالجتها والتمعن فيما سيقوله التاريخ عنا كقادة
فلماذا الإصرار من هذه القيادات على تحويل الحزبين من حزبين ديمقراطيين إلى تجمعات تحت زعيم واحد أو أسرة واحدة ، فليس من مصلحة الحزبين ولا العملية الديمقراطية أن نجعل قواعد الحزبين تصطف وراء النظام الطائفي أو المناطقي ، من مصلحة الحزبين أن ندفع بجيل الشباب إلى أن ينتظم ضمن حركة تملك خريطة طريق إلى التغيير ، كي تبقى جذوة الديمقراطية والحرية مشتعلة في اليمن .

مادفعني إلى كتابة هذا المقال ، هو خطاب الكراهية الذي مازال في أوج تصاعده بين قواعد المؤتمر والإصلاح والذي يغذيه المحرضون أصحاب الأهداف الإقصائية ويقوده متطرفون وينفذه فوضويون من الحزبين وكل طرف من هؤلاء يحاول إلقاء التبعية على الطرف الآخر وتحميله مسؤلية نجاح العصابة الحوثية في اختطاف الدولة ، فالإصلاحيون يحملون المؤتمر التواطؤ مع الحوثيين وهذا صحيح ، لكنهم يجهلون أو يتجاهلون ما صرح به اليدومي في الجزيرة للمذيع أحمد منصور من تعاون حزب الإصلاح مع الحوثيين والتنسيق معهم والقبول بهم وبفكرهم ، وكذلك ما صرح به أحد قيادات الإصلاح المتواجدين في صنعاء من التنسيق مع الحوثيين في إدارة الوضع ، إلا أن الحوثيين هم الذين نقضوا هذا الاتفاق .

نحن هنا لسنا بصدد استعادة الماضي أو تحميل طرف دون الآخر فجميعهم المؤتمر والإصلاح فهموا الديمقراطية على أنها انقضاض على الخصوم ، تحت هذا المفهوم وحينما لم يستطيعوا إدارة المعركة الانتخابية ذهبوا إلى إدارة معركتهم في الحروب الستة التي كانت في حقيقة الأمر بين المؤتمر والإصلاح والتي استفاد منها الحوثيون وبنوا قوتهم لينقضوا على الدولة وعلى التعددية وأن يبنوا العصبية الطائفية بعد أن وجدوا المؤتمر والإصلاح يبنون العصبية القبلية التي استفاد منها الحوثي وحولها إلى قوة ضرب بها الإصلاح والمؤتمر ومن ثم الدولة .

وكما قلنا فإننا هنا لا نسعى إلى تحميل طرف على حساب الطرف الآخر ، بل نشير إلى مكامن الأخطاء والقصور في فهم اللعبة الديمقراطية ، لذلك لم نقبل بالحكم الذي يدير هذه اللعبة ، وقد تساءل الكاتبان ، ستيفن ليفتسكي ودانيال زيبلات في كتابهما : كيف تموت الديمقراطيات ، والسؤال في معظم دول الوطن العربي هو ، كيف تولد الديمقراطيات ؟ أما في اليمن ، فإن السؤال هو : كيف يموت بلد ؟ بلد كان يتلمس طريقه إلى الديمقراطية والحرية .

ما أريد أن أخلص إليه ، إننا بحاجة إلى خطاب رسمي من قيادات حزب الإصلاح بحكم أن الحزب مازال موجود في هيكل الشرعية ، حتى وإن كان قد فقد الكثير من عناصر قوته بسبب التفاف للآخرين عليه ، هذا الخطاب يدعو فيه قواعده ، خاصة تلك التي مازالت متعصبة بأن تبدأ حياة جديدة مع قواعد المؤتمر ، على الأقل تلك التي تفر من بطش وجبروت عصابة الحوثي والتي تلاقي صعوبة في الاندماج مع قواعد الإصلاح في مأرب التي تطلق على كل قادم من هذه المناطق بأنه عفاشي ، وهذا المصطلح كاف للتنمر عليه وعدم القبول به ، مع أن قواعد للمؤتمر والإصلاح مرفوضة من قبل الحوثي في الشمال ومن الانتقالي في الجنوب ، فلماذا يظل المقصيون يقصون بعضهم البعض ؟