حوارات وتحقيقات

الجمعة - 07 مايو 2021 - الساعة 10:19 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/بقلم/ أنور الصوفي

بيميني وقعت على موتك، وبعيني تصفحت خارطة أيامك الأخيرة التي كتبها الطبيب، أمضيت على رحيلك بعد أن رفض أبوك التوقيع على رحلة موتك البطيئة، وقعت لا لموتك، ولكن لتعيش، لا لتتألم ولكن لتصحو، وتعود إلينا سالماً معافى، نظرت في كل نقطة كتبها الطبيب، ولم أستطع أن أستوعبها، فقد كنت أرى فيها نجاتك، فلقد كاد الألم يقضي عليك، وكاد صوتك يزلزل كل من هم حولك كلهم أجمعين، ولم أكن أرى سبيلاً لنجاتك إلا التوقيع، ولكن في توقيعي كانت بداية نهايتك.

وقعت حينما رفض أبوك التوقيع، لا لشيء وقعت إلا لنراك تعود صحيحاً، رفض أبوك التوقيع لا لشيء إلا من شدة خوفه عليك، وحبه لك، لأنه كان يرى في توقيعه إصدار حكم نهايتك بيده، ولم نستطع أن نراك تعاني، وتصارع الآلام، فقد أجمع الأطباء على العملية، وأجمعوا على التسريع بها، وأجمعوا كذلك على خطورتها، لذلك وقعنا آملين الشفاء، ولكن أيامك كنت يا محمد قد استوفيتها، فقدر الله لك أن تذهب عنا، وأنت في ريعان شبابك، رحلت عنا بعد أن تسلل غصنك الجميل من بين أغصان أقرانك، كان غصنك غضاً طرياً، نمى غصنك جميلاً، وكان أجمل ما يكون من بين الغصون، فلقد ملأت عيون والديك، وبنوا عليك آمالهم، وكنت عند حسن ظنهم بك، ولكنك ذهبت عنهم تاركاً فيهم حزناً، وحرقة في القلب، وأي حرقة، فقد ألهب فراقك الأحشاء، وأشعلها حزناً، وستظل جذوته مستعرة، أبكاهم فراقك، وأبكانا، وسالت عليك دموعهم، ودموعنا سالت، فرحمك الله يا زين الشباب.

أمحمد فراقك أبكانا، وأوجعنا، ولكن لا اعتراض على حكم الله، فراقك آلمنا، فكيف سيعيش أبواك بدونك؟! وكيف سيمضي أصحابك وقتهم؟! فأنت مجمعهم، وأنت من يسعدهم، ويضحكهم، فأنت زين الرفقاء، وأنت بسمتهم، وسعادتهم، وها أنت قد ذهبت وتركتهم بعد أن ودعتهم وداعك الأخير، ذهبت يا محمد بعد أن رآك محبوك، وودعتهم بنظرات عيونك، ولم تستطع أن تومئ لهم بيديك، ولكن عينيك كانت تودع كل من رآك، حملناك في قلوبنا حزناً أبدياً، وستظل صورتك في عيوننا صورة جميلة، نقلبها عندما نفتقدك، نعتك كل القلوب التي عرفتك، بكاك أشداء الرجال، وبكاك الشباب، وأبكيت حتى الأطفال، وألقى رفقاؤك عليك نظرة الوداع وهم باكون، وكلهم أمل بلقائك في الجنة بمشيئة الله، وهذا ما صبَّر الجميع، فأملهم بعد أن ودعوك هو أنهم سألوا الله أن يروك في جنات النعيم مع الصديقين، والأبرار، وهناك سيحلو اللقاء، ويطيب المقام، فما أطيب أخلاقك يا خيرة الشباب، وما أروعك بين الأصحاب، وداعاً يا حبيب أبيك وأمك، وداعاً يا حبيب كل من عرفك، وداعاً يا أجمل شاب تنقل بيننا وربط محبته، وعصب عليها في قلوبنا جميعاً، وداعاً يا حبيب عمك، وداعاً واللقاء بمشيئة الله الجنة.