أخبار محلية

الجمعة - 27 نوفمبر 2020 - الساعة 02:20 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية /قناة بلقيس


اتخذت السلطات السعودية موقفا عدائيا من الوحدة اليمنية منذ ما قبل إعادة تحقيقها وحتى اليوم، غير أنها اتخذت موقفا مراوغا من الوحدة بعد اندلاع عملية "عاصفة الحزم"، وتشكيل دولة الإمارات تشكيلات مسلحة جنوبية في جنوب اليمن مناهضة للسلطة الشرعية وتسعى لفرض مشروع الانفصال، حيث تجدد السعودية تأكيدها على دعم الوحدة اليمنية، بينما في الحقيقة دورها العملي مجرد دور تكميلي ومتستر على الدور الإماراتي لفرض مشروع الانفصال، هذا إذا لم تكن تسعى لفرض مشروع الانفصال بواسطة الإمارات، ضمن سياساتها العدائية ضد اليمن بشكل عام، عملا بالوصية الشهيرة لمؤسس المملكة عبد العزيز آل سعود "عز السعودية في ذل اليمن"، كما تؤكد مصادر تاريخية وسياسية.

 مخاوف مبكرة

بدأت المخاوف السعودية من إعادة تحقيق الوحدة اليمنية منذ وقت مبكر، وكانت من أشد المعارضين للوحدة اليمنية، وبذلت كل ما بوسعها لإعاقة تحقيقها، وهناك من يتهمها بالتخطيط والمشاركة في اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي بعد أن اتفق مع قادة الشطر الجنوبي على إعلان الوحدة اليمنية في 14 أكتوبر 1977، ليكون هذا الحدث التاريخي متزامنا مع ذكرى ثورة 14 أكتوبر 1963 ضد الاحتلال البريطاني.

وكانت المخاوف السعودية من الوحدة حينها تكمن في التقارب الأيديولوجي بين الرئيس إبراهيم الحمدي الذي كان قوميا مع حكام عدن اليساريين، وأيضا الخوف من التهديدات التي كان يطلقها حكام عدن باحتلال السعودية ودول الخليج العربي بذريعة إسقاط ما كانوا يسمونها "الأنظمة الرجعية" فيها واستبدالها بما يسمونها أنظمة اشتراكية تقدمية.

وكان الاعتراض السعودي على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية بشكل صريح قد بدأ منذ اتفاقية القاهرة الوحدوية في 28 أكتوبر 1972، واستمر حتى حرب صيف 1994 الأهلية، كما أن السعودية كانت تغذي الصراعات والحروب بين شطري اليمن قبل الوحدة لوأد أي تقارب بين الطرفين يؤدي إلى التسريع بتحقيق الوحدة بينهما، واحتضنت قوى المعارضة اليمنية من شماليين وجنوبيين بهدف تحريض على طرف ضد الطرف الآخر.

وكان لافتا أنه قبل الإعلان عن تحقيق الوحدة بمدة زمنية قصيرة، أرسلت السعودية وزيري المالية والخارجية إلى عدن، ولم تسفر الزيارة عن أي نتيجة ملموسة ولم تعرف نتائجها والغرض منها، وفسرها مراقبون بأنها ربما كانت تحمل عرضا للجنوبيين مقابل إثنائهم عن الوحدة مع الشمال، وزاد من التكهنات حول طبيعة الزيارة الاتصالات التي أجرتها الحكومة اليمنية بعد الوحدة مع السعودية بهدف طمأنتها بأن الوحدة اليمنية لن تشكل خطرا عليها.

وبعد الإعلان عن الوحدة اليمنية بشهور قليلة، دخلت العلاقات اليمنية السعودية منعطفا خطيرا بسبب الموقف الرسمي اليمني من حرب الخليج الثانية ورفض الوجود العسكري الأجنبي في الخليج العربي، واتهمت السعودية اليمن بنصب صواريخ عراقية باتجاه أراضيها لاستخدامها عند الحاجة.

منعطف جديد في العلاقة

دخلت العلاقات اليمنية السعودية منعطفا جديدا بعد انتهاء حرب الخليج الثانية، حيث بدأت السعودية التدخل في الشؤون اليمنية بكافة الوسائل، ووصل ذلك لدرجة تحريضها القبائل اليمنية على التمرد ضد السلطة، وبدأت بصرف أموال باهظة لمشايخ القبائل في المناطق الحدودية.

وعندما اشتدت وتيرة الأزمة السياسية بين حزبي المؤتمر والاشتراكي عقب انتخابات 1993 البرلمانية، وجهت السعودية رسائل لعدد من الشركات النفطية الأجنبية التي تنقب عن النفط في اليمن، وطلبت منها الكف عن التنقيب، باعتبار أن هذه الأراضي متنازع عليها.

 دعم المحاولة الانفصالية عام 1994

رغم الوساطات المحلية والعربية لرأب الصدع بين حزبي المؤتمر والاشتراكي، لكن السعودية ودولا خليجية أخرى سلكت مسلكا آخر، حيث استغلت تلك الخلافات وحاولت توسيع الفجوة بين الحزبين، وحرضت الحزب الاشتراكي على الانفصال وأغرته بالمساعدات المالية.

ثم برز الدور السعودي الداعم للانفصال بقوة، أثناء رحلة علي سالم البيض العلاجية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث التقى هناك بالأمير بندر بن سلطان في يوليو 1993، وعلى إثر ذلك اللقاء والرحلة العلاجية، عاد البيض إلى عدن معتكفا.

وعن كواليس تلك الزيارة، كشفت صحيفة "الشعب" المصرية آنذاك أن علي سالم البيض، أثناء زيارته العلاجية إلى الولايات المتحدة، عقد لقاءات سرية مع عدد من المسؤولين الأمريكيين بترتيب من الأمير بندر بن سلطان، السفير السعودي في واشنطن، لتهيئة عملية الانفصال.

يضاف إلى ذلك أن السعودية والدول الخليجية الأخرى كانت رافضة لوثيقة العهد والاتفاق بين طرفي الأزمة التي تمت في الأردن، وكانت الصحف السعودية التي تصدر من لندن، كالشرق الأوسط والحياة ومجلة الوسط، تنشر خطابا مناوئا للوحدة اليمنية ويعمل على تكريس الانفصال أثناء الأزمة السياسية التي سبقت حرب صيف 1994 وأثناء الحرب ذاتها.

وأكد الدكتور عبد الكريم الإرياني، في حوار مع صحيفة "السفير" اللبنانية، نشر بتاريخ 13 أبريل 1995، أن حكام السعودية، ولا سيما الأمير سلطان والأمير نايف ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، كانوا من المتشددين والمتحمسين لتجزئة اليمن.

الملف الحدودي وثمن الخلافات

بعد حرب صيف 1994 الأهلية، برز ملف ترسيم الحدود اليمنية السعودية كامتداد لتراكم الخلافات والتوتر الذي شاب العلاقات بين الطرفين وانعدام الثقة بينهما، وقد أثرت النتيجة التي خلصت إليها حرب الخليج الثانية، ونتيجة حرب صيف 1994 الأهلية في اليمن، على طبيعة العلاقات بين البلدين، ودفعت اليمن ثمنا كبيرا مقابل تحسن علاقتها مع السعودية، يتمثل في التنازلات التي قدمها الرئيس اليمني حينها علي عبد الله صالح أثناء المفاوضات الحدودية بين حكومتي البلدين، والتي بدأت بتوقيع "مذكرة التفاهم" في مكة المكرمة في 26 فبراير 1995، ونصت على تمسك الطرفين بشرعية وإلزامية "معاهدة الطائف" لسنة 1934 وملاحقها، وانتهت المفاوضات الحدودية التي تلت ذلك باتفاقية جدة الحدودية عام 2000

الفرصة التاريخية

تنظر السعودية للحظة الراهنة بأنها "الفرصة التاريخية" التي لن تتكرر لتمزيق الوحدة اليمنية وإضعاف المجتمع اليمني والدولة اليمنية بشكل عام، تنفيذا لوصية مؤسس المملكة عبد العزيز آل سعود "عز السعودية في ذل اليمن"، وللمبالغة في الإذلال لا بد من السيطرة على الموانئ والمطارات وبعض المحافظات الحيوية، وجعل السلطة اليمنية الشرعية تقيم داخل فنادق المملكة وتنتظر النفقة عليها من أموال المملكة بعد تعطيل موارد البلاد، وتشكيل المليشيات البدائية المتنافرة ودعمها بالمال والسلاح، وجر البلاد بكلها إلى حروب مفتوحة لا نهاية لها، وغير ذلك مما يحدث اليوم في البلاد.