أخبار أبين

الثلاثاء - 04 أغسطس 2020 - الساعة 04:12 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/متابعات


لم تقف جائحة كورونا عائقًا أمام إقامة الحفلات الغنائية؛ إذ تصدت لها الحفلات المباشرة عن طريق "الأونلاين"، وكانت حفلات العيد أولى هذه الانطلاقات التي تسابق عليها نجوم الأغنية الخليجية والعربية، وجاءت بدعم من الهيئة العامة للترفيه وتنظيم من "روتانا" للصوتيات والمرئيات والمكتب الفني في مجموعة MBC، وكان تطبيق شاهد VIP يعرض هذه الحفلات المباشرة التي اتسمت بطريقة الجلسات الغنائية لفناني الخليج بطريقة التخت الشرقي لفناني الأغنية العربية، ومصاحبة فرقة موسيقية بعدد معين، وتصدر بعضها الترند على مواقع التواصل الاجتماعي، كما حظيت بمشاركة الفنانين الأكثر شعبية بالوطن العربي.


ماذا تفتقد الحفلات الافتراضية؟

ماجد المهندس


يشير الصحفي والناقد الفني عبد الرحمن الناصر إلى أن هذا النوع من الحفلات كفكرة كان خيرَ داعم للاحترازات الصحية وعدم الخروج من المنزل، وقضاء الوقت وتسلية الجمهور داخل منازلهم، وهذا في حد ذاته فكرة عظيمة؛ إذ تقدم شيئًا كبيرًا للجمهور وهو في منزله، دون أن يتحمَّل تكلفة الحصول على مقعد للحفل، فاليوم يصل الحفل للمشاهد وهو في منزله، بشكل كلاسيكي جميل، ومن حيث التوقيت أصبح الحفل فعَّالاً لدى الجمهور، وأصبح هناك مجموعة أعمال منتقاة من الفنان لجمهوره، وصار بإمكان الفنان أن يكسب الجمهور كاملاً ويُرضي ذائقته ويتجنب تعارض الآراء، حيث تؤثر طلبات الجمهور على اختيارات الفنان، بالتالي فهو يقدم حفلاً منزليًّا نموذجيًّا للمشاهد، بالإضافة إلى الفنانين الخليجيين، والجمهور السعودي هو الأكثر حضورًا على المستوى الخليجي في الحفلات الافتراضية، ويظل الرقم الصعب سواء بالمشاهدة أو الحضور، وهذا أكبر دليل على قوة الجمهور السعودي والفنانين، بدليل حصول الفنانين السعوديين على الترند العالمي، مثلما حدث مع محمد عبده وعبادي الجوهر وراشد الماجد وماجد المهندس.


وافتقدت الحفلات الفنان رابح صقر، فهو الفنان الوحيد الذي يستطيع أن يقدم حفله بطابع جلسة للجمهور، والجمهور كان ينتظر رابح صقر بهذا النمط، وقد يكون وجوده في منزله بشكل مستمر قد منحه الدافع لأن يشارك جمهوره بفيديوهات فنية، حيث يمتلك جماهيرية خطيرة، والجمهور ينتظره بلهفة، حيث إن الفيديوهات التي طرحها بالفترة الأخيرة على "السوشيال ميديا" تخطت مئات الآلاف من المشاهدات خلال يومين فقط، فما بالك لو شارك بالحفلات الافتراضية.

ويضيف الناصر أن هذه الحفلات كانت تفتقد للمشاركات النسائية السعودية، وافتقدت أيضًا نوال الكويتية وأحلام ووعد، والعنصر النسائي الخليجي مشاركته مهمة جدًّا بهذه الحفلات المباشرة، وفعليًّا افتُقِد، وتم تعويضه بمشاركة الفنانات العربيات، وفي المجمل نجاح العنصر النسائي العربي لم يتجاوز نجاح آمال ماهر وأنغام؛ لأن لهما إطلالتهما الكبيرة، حيث تربت أنغام على الأعمال الخليجية، وتعي كيف تنتقي الأعمال الخليجية التي تشدو بها، وتعرف أن هذه الحفلات مُوجَّهة للخليجيين والسعوديين بشكل عام، وأيضًا قدمت آمال ماهر حفلة كبيرة، طرحت ضمنها جديدها الفني من كلمات تركي آل الشيخ، وكان عملاً مهماً من حيث اللحن والكلمات، وتفوقت فيه آمال ماهر من ناحية الحضور.

وكان الهاجس في هذه الحفلات -حسبما أوصت وزارة الصحة السعودية- التباعد الاجتماعي الذي لا يقل عن مترين، والإجراءات الاحترازية، ورأينا الجمهور القائم على هذه الحفلات محترزًا ونفذ توجيهات وزارة الصحة، فهي رسائل ترفيهية لكنها رسالة توعوية للجمهور والمشاهد، إذا ما نظرنا للفنانين والقائمين على الحفلات نجدهم محترزين أيضًا، وهنا تأتي الرسالة التوعوية بضرورة احترام التعليمات وتطبيقها، وبعض الحفلات للأسف كانت مخالفة نوعًا ما للتوجيهات الصحية، وهذا يعطي انطباعًا بعدم حرص الفنان على نفسه والفرقة الموسيقية المشاركة له، بخلاف الانطباع الذي ظهر في حفل محمد عبده، حيث كان هناك حرص شديد على تطبيق الاحترازات، وهذا يعتبر رسالة اجتماعية وتوعوية وصحية، وليس فنية فحسب، ويساهم في نشر الاحترازات التي نصَّت عليها وزارة الصحة".
وأضاف عبد الرحمن الناصر أن فكرة تركي آل الشيخ والحفلات الافتراضية فكرة نموذجية، تحاكي البيوت والجلسات والسمرات التي اعتاد الجمهور السعودي عليها بالحفلات، بما فيها الأعمال المنتقاة أيضًا، وهي فكرة لم يتوقعها البعض، قُدِّمَت للجمهور من خلال المرتبطين مع "روتانا" أو المقربين منها، لأن "روتانا" أشرفت على هذه الحفلات مع MBC بالمكتب الفني، وتم بثها على "شاهد"، ومعرفة عدد المشاهدين أيضًا الذي يُعدُّ أكبر دليل على مكانة وعمق الفنان وشهرته، والطلب على الفنان، بدليل أن الفنان راشد الماجد استمر على الترند العالمي والعربي لمدة يومين، وتعد فكرة تركي آل الشيخ وهيئة الترفيه غير عادية، وقامت بناءً على الطلب على الفنانين من خلال المقياس الحقيقي بـ"السوشيال ميديا"، بالإضافة إلى البساطة في الأداء ورحابة الصدر التي قدمها الفنانون من خلال هذه الجلسات.
أما من ناحية العائد المادي فيؤكد الناصر أن هذه الحفلات كانت أكثر ربحًا من الحفلات ذات الحضور الجماهيري؛ لأن الحفلات ذات الحضور الجماهيري تعتمد على عدد معين ومقاعد محددة لا يتم تجاوزها، فلا يمكن أن يُجهز مسرح بمقاعد لـ 20 ألف متفرج ويحضره 40 ألف شخص، بينما هذه الحفلات رمزية جدًّا ويشاهدها مئات الآلاف، بالتالي هناك عائد مادي يدعم هيئة الترفيه ومنصة البث المباشر من خلال هذه الحفلات التي يشاهدها الآلاف من الجماهير عبر منصة شاهد، وهناك مشاهدون بأرقام خيالية تابعوا تلك الحفلات، بالتالي هناك ربح مادي بالتأكيد، بالإضافة لكسر الروتين، وأتوقع أن يكون هناك توجُّه لإقامة هذه الحفلات حتى بعد انتهاء أزمة كورونا، وربما نفاجأ بحفلات من هذا النوع ولكن بأفكار أخرى.


ساهمت بتخفيف الضغط النفسي

راغب علامة


تحدث الصحفي والناقد الفني سعيد عيسى قائلاً:" إن الحفلات الافتراضية جددت نجاح الفنانين السعوديين، وأكدت تفوقهم على العرب وتسيُّدهم الساحة، خاصة أن الحفلات تعتبر شيئًا من روح التجديد الذي كان ممكن أن يواجه مصير التعثُّر أو الفشل لو لم تكن فيه مشاركة الفنانين السعوديين على رأسهم، بدليل أن محمد عبده وراشد الماجد وصلا الترند العالمي بفضل جماهيريتهما، مما يؤكد تفوق الفنانين السعوديين في حفلات الأونلاين.

يؤكد سعيد عيسى أن الحفلات الافتراضية فُرضت على الفنانين لتأكيد حضورهم، وكل فنان يتمنى أن يغني أمام جمهوره، وهذه الحفلات جديدة لكن الفنانين واكبوها بهذه السرعة وحققوا فيها نجاحًا مميزًا يُحسب لهم، وكل فنان يرغب أن يشارك بالحفلات ليكون بينه وبين الجمهور تواصل، وهذه فرصة للتواصل مع الجمهور من خلال تكثيف النشاط والتغني برصيد من خلال التفاعل على "السوشيال ميديا"، فهو جمهور حقيقي وفعَّال ومتعطش للفن.


وساهمت الحفلات الافتراضية في تخفيف الضغط النفسي؛ فهي جزء من الترفيه للشخص والابتعاد عن الضغط النفسي والآثار الاقتصادية، وما يترتب على جائحة كورونا، وكان تنفيذها أمرًا صعبًا جدًّا، فكان لها أثر إيجابي على الجمهور والفنان أيضًا، لذلك اتضحت خبرة الجهة المنفذة لهذه الحفلات بفضل رعاية هيئة الترفيه التي دعمت هذه الحفلات.


ويضيف سعيد عيسى أنه لم يتوقع أن تُقام حفلة افتراضية في الماضي، إنما فرضها الواقع، ويشير إلى أننا خرجنا من موسم الرياض بنجاح كبير بالأرقام، فكان الحضور كبيرًا لجميع الفنانين العرب المشاركين، واستبعدتُ أن تقام حفلة دون جمهور، ولكن الأمر الواقع هو من فرض نفسه، وحققت الحفلات الافتراضية نجاحًا بفرض ارتباط الفنانين بجماهيرهم، وأصبحوا يطاردونهم بمدرجات المسارح وعلى صفحات "السوشيال ميديا"، إلى ما وصل الأمر بمشاهدتهم عن طريق حفلات الأونلاين.


ويؤكد عيسى أن الحفلات الافتراضية مزجت بين رؤية بصرية لافتة، فعلى سبيل المثال شاهدنا الفنانين السعوديين بطريقة الجلسات السعودية، وهو أمر اعتدنا عليه بالجلسات الغنائية التي استمروا عليها منذ سنين، ولم يختلف الأمر كثيرًا في الحفلات الافتراضية؛ فراشد الماجد ابن الجلسات الغنائية، وكذلك محمد عبده وأصيل أبو بكر وعبادي الجوهر، الذين تغنوا في هذه الجلسات دون أدنى تكلُّف، ولعبت الخبرة معهم دورًا كبيرًا، بالتالي اعتدنا على ظهورهم بهذا الشكل، حيث كانت الأعمال الغنائية تحاكي هذه الجلسات بكل ما تحمله من تنوع الألوان الموسيقية، لذلك وصلت الأوسمة بهم على تويتر "الترند" العالمي، وهو الحال للفنانين العرب.


والفنانة نجوى كرم لا تستغني في حفلاتها عن الدبكة اللبنانية التي صاحبتها في حفلات السعودية، إنما التخت الشرقي الذي صاحبها خلق حالة انسجام عفوية وهدوء على طبيعتها في الغناء لجمهورها العربي، لذلك كانت تشكيلة الأستوديو المجهزة لنجوى مميزة، وخلقت روحًا موسيقية مميزة، كذلك تنوعت في الميدلي الغنائي، إلا أن نجوى كانت ذكية جدًّا في حضورها؛ لأنها عرفت كيف تتعامل مع الأجواء الافتراضية بروحها المرحة الهادئة، كما هو الحال مع الفنانة المصرية أنغام، التي تغنت على مسرح مستقل في منطقة الأهرامات بالقاهرة، وعاشت مع جمهورها ليلة موسيقية خالصة، فأنغام تعرف كيف تتعامل مع هذه الأجواء، خاصة المسارح المكشوفة، لذلك عرفت كيف تتعامل بانسجام رغم الغياب الجماهيري، بالتالي يُحسب لها نجاح حفلها الافتراضي، وهي من الفنانات اللواتي يتسمن بالذكاء في التعامل، بالإضافة إلى خبرتها، ومن المتوقع أن تستمر الحفلات المباشرة خلال شهري يوليو الحالي وأغسطس المقبل، جراء أزمة كورونا، ومن المنتظر أن ترى النور الجماهيري على أرض الواقع في فصل الشتاء المقبل.
نجوى كرم


افتُتحت الحفلات المباشرة بالفنان ماجد المهندس في أولى أيام عيد الفطر، إذ قصّ شريط هذه الحفلات وشارك مع فرقة موسيقية في حفل تميز بديكورات مميزة وإخراج تمكن من لفت الأنظار للاستديو الذي تغنى فيه المهندس على مدى ساعتين في دبي، وكانت الليلة التالية في جدة لـ"فنان العرب" محمد عبده التي صعد بها الوسم على "تويتر" متصدرًا الترند العالمي في جلسة منزلية، برفقة موسيقية شارك بها أبناؤه بدر وعبد الرحمن بالعزف الموسيقي والكورال، وكانت الليلة الثالثة من نصيب الفنان راشد الماجد الذي شارك في حفلات "الأونلاين" بجلسة خليجية في مملكة البحرين، وشارك بها الملحن أحمد الهرمي في العزف والكورال، وكذلك العازف سيروس. واتسمت بالطابع الخليجي السعودية حتى على مستوى الأعمال المختارة، كذلك شارك بهذه الحفلات الفنان عبادي الجوهر الذي تغنى على طريقة الجلسات السعودية، وقدم جلسة غنائية عازف فيها على العود طيلة وقت الحفلة، كما جاءت مشاركة الفنانين أصيل أبو بكر ووليد الشامي بالمشاركة الثنائية الوحيدة بهذه الحفلات، إذ تشاركا البروفات في نفس مقر إقامة الحفلة المباشرة، ليكون حضور لافت ومميز للفنانين السعوديين والخليجيين.


الحضور الخليجي يتفوق على الفنانين العرب

عبادي الجوهر


على المستوى العربي كان للفنانين العرب حضور لافت، إلا أن رواد "السوشيال ميديا" كان لهم تفاعل أكبر مع الفنانين السعوديين، حيث حلَّ "فنان العرب" محمد عبده أولاً وراشد الماجد ثانيًّا ونجوى كرم ثالثًا وإليسا رابعًا في أكثرية التفاعل، وشارك في الحفلات عربيًّا وائل كفوري، ونانسي عجرم، وآمال ماهر، وأنغام، بالإضافة إلى نجوى كرم وإليسا وراغب علامة وتامر حسني.


كما أطلقت نانسي عجرم على هذه الحفلة المباشرة "أمل بلا حدود"؛ بهدف تسليط الضوء على الجهود الإنسانية لمساعدة العائلات في لبنان والعالم، للتعامل مع الضغوط الاقتصادية والتحديات الأخرى التي فرضها فيروس كورونا.


الحفلات المباشرة تفرض العهد الجديد وتكسب التحدي أمام كورونا

ولبد الشامي


انتقلت بوصلة التفاعل الجماهيري هذه المرة من على خشبة المسرح إلى وسائل التواصل الاجتماعي؛ فبدأ محبو الفنانين بالتفاعل مع فنانيهم المفضلين، ورغم أن هذه الحفلات افتقدت الانسجام الجماهيري والتناغم بين الفنان وجمهوره، فإن المشاعر كانت تتجسد عبر تويتر والهاشتاج الذي يصدره محبو الفنان، ليتسابق رواد "السوشيال ميديا" على صعوده إلى الترند، فنجح بعض الفنانين في الصعود للترند العربي، بينما لم يتجاوز بعضهم مشاركات معينة وبسيطة، في حين كان محمد عبده الأبرز والوحيد الذي تمكن للوصول للترند العالمي.


وتمكنت الحفلات المباشرة من خوض مرحلة جديدة في عهد جديد، حيث شكلت تحديًّا أمام فيروس كورونا بهدف التخفيف وبث السعادة والترفيه والموسيقى على النفوس، بحكم المكوث لفترة أطول في المنازل بتوجه جديد وقف خلف رعايته "هيئة الترفيه"، بإتاحة الفرصة أمام الملايين من المشاهدين لمتابعة الفنانين المفضلين، بل إن هناك من الفنانين من انتهز هذه الفرصة لتقديم الأغنية الجديدة والحصرية بهذه الحفلات المباشرة، من بينهم راشد الماجد ووليد الشامي ومحمد عبده، وغيرهم من الفنانين الذين قصدوا هذه الحفلات لطرح جديدهم الموسيقي.


وأشار الرئيس التنفيذي لـ"روتانا" سالم الهندي في تصريحات سابقة حول الحفلات المباشرة وتأثير «كورونا»، معلقًا على ما شهده موسم حفلات الأونلاين، إلى أن الفنان "يمرض إذا توقف عن الغناء؛ لأنه اعتاد الغناء وإدخال السعادة على قلوب محبيه"، وحول تأثير «كورونا» على قطاع الترفيه بشكل عام، والحفلات خاصة، أوضح: «الحفلات تنتج عنها تجمعات كبيرة، وهذا لا يتناسب والتدابير الاحترازية التي اتخذتها جميع دول العالم لمواجهة كورونا، لذلك فكرنا أن يتم تنظيم تلك الحفلات أونلاين ولله الحمد وُفقنا فيه، رغم أن البعض كان يتخوف من الفكرة، إلا أن حفلات العيد حققت نجاحًا كبيرًا، لذلك وجَّه رئيس الهيئة العامة للترفيه، المستشار تركي آل الشيخ، بإعادة تقديم حفلات أخرى وبالفعل تم الاستقرار على 9 حفلات غير الـ 4 التي كانت خلال فترة عيد الفطر الماضي، لتستمر حفلات الصيف حتى نهاية شهر يوليو الحالي، وتشهد مشاركة العديد من النجوم، بينهم وائل كفوري وأصيل أبو بكر سالم، وعبادي الجوهر، ووليد الشامي، وعبد الله الرويشد، وخالد عبد الرحمن، وهناك أسماء أخرى سوف يتم الإعلان عنها بمجرد الاتفاق معهم"، لافتاً إلى أنه يتمنى مشاركة الفنان عبد المجيد عبد الله، ولكن الأمر متوقف على ظروفه الشخصية وهو مشتاق للجمهور».


حفلات الأونلاين تكسر الملل وتفتقد الجمهور

وائل كفوري


كسرت حفلات الأونلاين حاجز الملل رغم فقدانها الجمهور وخشبات المسرح، واختفت معها طلبات الجماهير لبعض الأغاني، واختفى معها الصياح الجماهيري وقفشات الفنانين على المسرح، وأدرك الفنانون أيضاً أن غيابهم قد يطول، وثمة حاجة للوجود على الساحة وفق ما تقتضيه الظروف، ليدركوا تمامًا أن حفلات الأونلاين تبقيهم على تواصل مع جمهورهم، فالنشاط على "السوشيال ميديا" وحده لا يكفي الجمهور، ليكون التعزيز أيضًا بالحفلات الغنائية المباشرة، حيث يهدف الفنانون من تلك المشاركة تخفيف الضغوط النفسية التي واجهت الجماهير والفنانين كذلك، في الوقت الذي يهتم فيه الفنان بحضوره على الساحة الفنية أينما كان، لتكون هذه الحفلات بمعيار جديد، قد لا تكون تجربة جماهيرية على أرض الواقع إنما تجربة جديدة تؤكد الحضور الفني وتحقيق الرضا للعامة، فالانسجام قد يكون مفقودًا إلا أن النشاط موجود، كما فعل فنانو الأغنية العربية مع فرقة التخت الشرقي وفناني الخليج، بطابع الجلسة الغنائية والعزف على آلة العود.


وعاش الفنان والفرقة الموسيقية أجواءً افتراضية على حد القول، رغم غياب بعض مقومات النجاح وهو الحضور الجماهيري وغياب "شباك التذاكر" الذي أصبح قصة موضوعية تصعد بالفنان للترند، إثر نفاد تذاكر الحفلات في وقت قياسي، عطفًا على جماهيرية كل فنان، بالإضافة إلى أن الفنان اعتاد في حفلاته الغنائية على مشاهدة الجماهير تردد معه مقطوعاته الغنائية، وهو ما افتقدته الحفلات الافتراضية، ورغم أن هذه الحفلات لامست مشاعر الفنانين والفنانات بغنائهم للأمل وبث رسائل المحبة والسلام وتوحيدهم محبة جماهيرهم ومقاومتهم بالغناء لإسعاد من حولهم، فإن التفاعل الجماهيري اقتصر على الهاشتاج الذي يتم إنشائه على تويتر، وينتهي مع انتهاء الحفلة، مما يشي بأنها لم تترك أثرًا إيجابيًّا كما هو معتاد، نظرًا لأنها افتراضية، واقتصرت على نسبة المشاهدة على موقع "شاهد"، الذي يبث تلك الحفلات، وأصبح معيارًا لنجاح هذه الحفلات، بالإضافة إلى الماراثون على "السوشيال ميديا" والأرقام التي تصعد للترند، ومن يتفوق على الآخر في ظل غياب شباك التذاكر وخشبات المسرح.


وبدأت حفلات الأونلاين مقتصرة على الفنانين الأكثر شعبية بالوطن العربي، وقد تكون حلولًا إيجابية مؤقتة للابتعاد قسرًا عن الضغوط النفسية، كونها فكرة حظيت بالتفاعل الكبير على "السوشيال ميديا"، وغاب عنها الانسجام وتفاعل الجمهور، وتوارت معها ضجة المسرح، إلا أن الفنانين استفادوا منها لتوثيق أواصر الترابط بينهم وبين جمهورهم، وطرح جديدهم، بالإضافة إلى تفاعلهم عبر "السوشيال ميديا" من خلال تويتر وإنستجرام، ويبقى الفارق بين الحفلات الافتراضية والحفلات الجماهيرية في العائد المادي الذي يعود للجهة المُنظِّمة من عقود الرعايا وأسعار وفئات تذاكر الحفلات التي غابت في الحفلات الافتراضية، ليكون التعويض في مشاهدة الجماهير لهذه الحفلات بالمجان عبر التطبيقات، مما يعني المكسب المادي لنجوم الحفلات الافتراضية عما كانت عليه في السابق.