مقالات وكتابات


الإثنين - 04 نوفمبر 2019 - الساعة 01:14 م

كُتب بواسطة : سامي الكاف - ارشيف الكاتب


ثمة من يعتقد أن الحضارم غير منقسمين و هم بصدد الانطلاق نحو بناء حضرموتهم المستقبلية كما لم يفعلوا من قبل.
على أصحاب هذا الاعتقاد، مراجعة أنفسهم، و قراءة تالي الأسطر.
يقول مبتدأ خبر نشره محافظ حضرموت فرج البحسني في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فسيبوك يوم أمس الأحد:
"عُقد بالعاصمة السعودية الرياض عصر اليوم لقاء ضم عدداً من القيادات العليا في الدولة من أبناء حضرموت وقيادة السلطة المحلية بالمحافظة ومشائخ وأعيان ومرجعيات من أبناء حضرموت والمكونات المجتمعية والسياسية".
نشر البحسني خبر هذا اللقاء، وتمت صياغته بدون الاشارة الى اليمن الاتحادي ولا الى مصطلح إقليم، على العكس من تلك الأخبار الأخرى المنشورة من حضارم آخرين، والتي أشارت إلى أن اللقاء حدد خياره بإقليم في سياق اليمن الاتحادي.
يقول صلاح باتيس قيادي حضرمي في صفوف حزب الإصلاح، في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فسيبوك يوم أمس الأحد، في سياق تعليقه عن لقاء أبناء الحضارم (لم يرد اسم باتيس ضمن قائمة الحاضرين): ‏"حضرموت تسقط المركزية وترفض تمزيق ‎اليمن اجماع غير مسبوق من كل الطيف السياسي والتنوع المجتمعي الحضرمي على مستوى قيادات الصف الأول يعلنوا من الرياض أنهم مع الدولة الاتحادية بقيادة الرئيس هادي تكون فيها ‎حضرموت اقليم عاصمته ‎المكلا لا يتبع أي إقليم آخر لا شمالي ولا جنوبي".
كل ما جاء بعاليه، أمور في غاية الأهمية، تشير إلى وجود انقسام حقيقي في موقف من وصفوا أنفسهم بأبناء حضرموت، الانقسام الذي شهدناه من قبل حين قام بعضهم بتقسيم أبناء حضرموت وفقاً لمواقفهم السياسية و خلفياتهم الاغترابية أو كما يحبذ بعضهم تسمية أخرى: حضارم المهجر.
في موازاة ذلك، كمثال على حالة الانقسام بين صفوف الحضارم، بصورة أشد قساوة و قتامة، شن (حضرميان) هجوماً عنيفاً على هذا اللقاء، يسلط الضوء على سوداوية الانقسام في صفوف الحضارم نحو حاضرهم و مستقبلهم عطفاً على ماضيهم غير الخالي من المواقف الدرامية والأحداث الكارثية.
يقول القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي علي الكثيري في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "من كانوا جزءاً ممن صنعوا كوارث حضرموت طوال الستين عاماً الماضية لا يحقُ لهم التحدث باسمها ولا يمكن أن يكونوا جزءاً من الحل".
يعتقد علي الكثيري انه غير يمني. و يقول انه من الجنوب العربي. وهو الآن عضو في وفد المجلس الانتقالي الذي وافق على المشاركة في الحكومة اليمنية التي لطالما اعتبروها انها حكومة احتلال. ولقب الكثيري في جنوب اليمن يشير تاريخياً إلى السلطنة الكثيرية التي لم تكن جزءاً من اتحاد الجنوب العربي الذي أقامته بريطانيا في الستينات من القرن، وسقطت بقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في 30 نوفمبر 1967.
ويقول عدنان الكاف، وهو قيادي آخر في المجلس الانتقالي الجنوبي في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "يعتقدون ان الناس تناسوا ماضيهم الإجرامي وجرائمهم التي لا تسقط بالتقادم. المجرمين والخونة لا مستقبل لهم في حضرموت مهما حاولوا لان حضرموت ترفض الجيف".
هذه الصورة النافرة التي تتجلى في ما سبق من سطور، تتعارض تماماً مع راية التصالح والتسامح التي ما برح يكررها سبعة وسبعين مرة صباح و مساء كل يوم ساسة جنوب اليمن، مع أن التصالح والتسامح من حيث المبدأ قيمة إنسانية سامية، لكنها لكي تتحقق يتعين أن تخضع إلى قانون يسمى قانون العدالة الانتقالية (سبق لي تناوله بتفصيل في مقال سابق قبل نحو عامين).
فضلاً عن ذلك فإن المنطق يشير، كما في من ينتمي إلى المجلس الانتقالي ومن يناصره، إلى استحالة الحديث عن عقلانية عدم نسيان جرائم الماضي والدعوة في الوقت ذاته إلى استعادة دولة جرائم الماضي نفسها من خلال وضع شعارها شعاراً لك و علمها علماً لدولتك المزعومة التي هي نفسها الدولة التي ضمت المجرمين والخونة، أو ممن كانوا جزءاً ممن صنعوا كوارث حضرموت طوال الستين عاماً الماضية؛ فدولة كانت تضم مجرمين وخونة لا خير في استعادتها و المتاجرة بأيقونتها و الضحك بها على عقول الناس.
أسوأ من ذلك: نبش أوراق الماضي و الغوص في مرجعيات و أصول الناس، سوف يؤدي الى وضع الجميع في تيه جارف مدمر للنسيج المجتمعي، إذ سيقود ذلك الى اعتبار من هم من نسل الرسول محمد ليسو من هذه الأرض؛ لا جنوباُ و لا شمالاً، و هو أمر في نهاية المطاف سيكون ليس فقط جزءاً من المشكلة بل وجذرها الخرابي الأسوأ كارثية كما لم يحدث من قبل.
على الحضارم ادراك أنه لا بد لهم من أن يعرفوا حقيقة أن مستقبلهم الجامع بيد أبنائهم، و العمل على هذا الأساس.
آمل حقاً أن يعرفوا ما يتوجب عليهم فعله، علماً بأن التجارب السابقة تشير إلى أن المصاعب كثيرة و الوعي ما زال غير مكتمل.