مقالات وكتابات


الثلاثاء - 15 أكتوبر 2019 - الساعة 09:23 م

كُتب بواسطة : عبد السلام بن عاطف جابر - ارشيف الكاتب



خلال اليومين الماضيين كثرت التسريبات عن بنود اتفاق جدة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والسلطة الشرعية بعد وساطة سعودية. ورافق التسريبات -التي لم تؤكد صحتها- حملات دعائية بين الرفض والتكذيب من الماكنة الإعلامية لحزب الإصلاح. واتهموا الرئيس هادي بالخيانة . . . بل أصبحت التسريبات مصدر مالي لهم؛ حيث وظفتهم دول معادية للسعودية والإمارات في مهاجمة الدولتين؛ واتهامها أنها تسعى لتمزيق اليمن وليس لتحريره من جماعة الحوثي.

ومما يضحك في الأمر أنّ بعض عتاولة التحليل الاصلاحي قالوا على قناة فضائية كبيرة (إنَّ مجرد استقبال السعودية لقيادة الانتقالي أعطى اعتراف ضمني بالانتقالي كقوة انفصالية في الجنوب عجز التحالف عن القضاء عليها، ولَم يترك جماعة الحوثي تقضي عليها في 2015.. وهذا الاعتراف سيؤدي للقضاء على أي تسوية سياسية مستقبلية مع جماعة الحوثي، لأنها لن تقبل بأي اتفاق لاتضمن فيه دول الخليج حماية الوحدة اليمنية) ..!! كلام يثير الضحك والسخرية "خايفين يأخذ الحوثي على خاطرة"

قالوا الكثير من الهرطقات الفارغة، لكن هناك موضوع واحد تكرر على كل الألسن وهو "موضوع الاعتراف" اعتراف سياسي دولي بالانتقالي، واعتراف حكومي رسمي بالعجز أمام قوة الإنتقالي والاستسلام لشروطه . . . كل هذه الحملة الإعلامية هدفها صرف نظر قيادة الانتقالي عن واجبها الأول وهو الاهتمام بإدارة المناطق التي يسيطر عليها.

والمؤسف أنهم نجحوا في هدفهم؛ تعطلت الخدمات أكثر من قبل..!! وأصبح موضوع "الاعتراف" حديث الجنوبيين؛ حتى صورته الماكنة الإعلامية للانتقالي أنه "انتصار في أم المعارك الجنوبية".. وسار خلفهم كثير من المفكرين والكتاب الجنوبيين المستقلين، وكذلك المدونين ومشاهير الفيسبوك والتويتر ، وأصبح الاعتراف هو الإنجاز العظيم للجنوب حققه الانتقالي.

وهنا لابد من التنبيه أن الاعتراف الذي يمكن وصفه بالإنجاز العظيم هو "الاعتراف بحق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره" وهذا لم يحقق بعد. وحتى يتم تحقيقه هناك اعترافات كثيرة يجب حدوثها . . . وقد تحقق منها عدة اعترافات خلال مسيرة الثورة الجنوبية؛ حيث تم الاعتراف بالقضية الجنوبية بالقرارات الدولية حول حرب 1994...

وفي 2011 اضطر اصحاب ثورة 11 فبراير اليمنية للاعتراف بالحراك الجنوبي "حامل للقضية الجنوبية" . . . وفي مؤتمر الحوار اليمني 2013-2014 جاء الاعتراف بخيار "التحرير والاستقلال" كهدف للجنوبيين؛ عندما احتالوا على شعبنا ووضعوا حل الدولة الاتحادية من ستة أقاليم، وقالوا أن هذا الحل معالجة تسقط خيار التحرير والاستقلال. لكن مكرهم عاد عليهم؛ عندما أسقطت الحرب حل الدولة الاتحادية والأقاليم، وبقي الاعتراف بخيار الاستقلال . . . وفي حرب 2015 صمد الجنوبيون وألزموا العالم الاعتراف بأن الشعب الجنوبي أصبح له مخالب وأنياب -المقاومة الجنوبية- حققت له التحرير وقادرة على فرض الاستقلال بالقوة.

وبدعوة الانتقالي إلى حوار جدة تم الاعتراف به قيادة تمثل الشعب الجنوبي في مسيرة التحرير والاستقلال. والاعتراف بقيادة جنوبية إنجاز ناضلنا لأجله أكثر من عشر سنوات.. وهو إنجاز يحسب للانتقالي ويشكرون عليه . . . ولكن هل ستأتي مخرجات الحوار باعتراف رسمي للانتقالي بأنه القيادة، أم أن الخبث السياسي في الشرعية سيفرض عليه شركاء في القيادة وتمثيل الجنوب..؟

في الختام نقول؛ برغم شكرنا الانتقالي على تحقيقه إنجاز الاعتراف بالقيادة، لكن علينا اعتباره إنجاز عادي لأنه في الواقع لايرتقي إلى مستوى الأهداف بل يظل وسيلة أو أداة تساعد في إنجاز الأهداف الحقيقية ..؟ فالأهداف الحقيقية هي كل ماله علاقة بحياة وأمن وحرية وكرامة الشعب . . . فالاعتراف لن يقيم النظام والقانون ولن يحقق العدالة والمساواة، ولن يزرع القمح، ولن يطعم الشعب ،ولن يعالجهم، ولن يشغل الكهرباء، ولن يصلح المجاري التي أغرقت شوارع عدن.. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه (لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها : لِمَ لم تمهد لها الطريق ياعمر)

وللحديث بقية.