مقالات وكتابات


الجمعة - 11 أكتوبر 2019 - الساعة 12:22 ص

كُتب بواسطة : علي عمر الهيج - ارشيف الكاتب



قرأت وسمعت ورأيت عن الدول والمدن والقرى والمجتمعات فلم أرى في حياتي مدينه مثل عدن التي تشهد فوضى عارمة وشتات عريض..

قرأت وسمعت عن انفلات الأمن وغياب النظام والأمان فلم أشاهد ولم أرى عبث يعصف ويفتك بكل شي مثل الذي رأيته في عدن..

قرأت وسمعت في كل العالم وإثناء الحروب والأزمات والمحن عن اختلال وتعرض الطاقة الكهربائية لانتكاسات وإعطاب طارئة تطال الناس وتعكر صفو حياتهم لمدة ساعه او ساعتين او أسبوع كحد أقصى..

لكن لم اسمع ولم ارى خرابا كهربائيا وفوضى كهربائية وظلام دامس لمدة عشرين سنه..

قرأت وسمعت وشاهدت احتفالات وأفراح الزواج وعن عادات الشعوب ومناسبات في كل العالم فشاهدت عائلات تجتمع في حديقة او قاعة أفراح واناس يتناولون قطع الهمبرجر وعصائر الليمون فيبارك الجميع للعروسين ويعودون الى منازلهم بأخلاق ومحبه وسلام..

لكني لم اشاهد ولم اسمع عن زواجات وأفراح في منتصف الليل قرب الفجر وسيارات واطقم ودبابات ورصاص وقصف بالمدافع في هذه الزواجات وشباب وتقليعات وسياكل يحومون الليل ويعكرون صفو الناس ويرتص الشباب في الطرقات يرقصون ويبترعون ورصاص وبنادق وأضواء صاخبة تدك المدينة دكا مخيفا ويتساقط اطفال وشباب ونساء جراء الرصاص الراجع وتتحول هذه الافراح الى مأتم ومقابر ودموع واحزان وكل ذلك يحدث إمام نقاط التفتيش ورجال الأمن والمجتمع بل ان المجتمع شريك رئيسي في هذه الفوضى العارمة..

قرأت وسمعت عن قضايا المرتبات والأجور في كل العالم ووجدت في كل شهر يستلم الناس مرتباتهم عبر المؤسسات و البنوك او رسائل النت او في معسكرات الجنود وكل ذلك يحدث بشكل طبيعي واعتيادي جدا..وكل موظف او جندي تكون لديه وظيفة محدده ورقم خاص ومكان محدد ومعروف يقوم بعمله

لكني لم اسمع ولم اقرا عن موظفين وجنود جالسين في منازلهم ولديهم عشر وظائف وعشره ارقام ويستلمون عشره رواتب ومكافآت ووقود ونثريات بينما هناك اناس متقاعدون وضباط ومتقاعدون كبار في السن يتسولون الطرقات ومكاتب البريد ومحلات الصرافه يتابعون فتات من الريالات لسد رمق الجوع لاطفالهم..

قرأت وسمعت في كل العالم عن رجال ألدوله والساسة وأحزاب المعارضة والثورات وابطال التحرير ووجدت لديهم برامج حقيقية مرتبطة بالناس ارتباطا مباشرا لخدمة الوطن والأرض والناس.

لكني لم اسمع ولم اقرا مثل رجال ألدوله والأحزاب والأحرار في عدن حيث يتحصلون على مصاريف هائلة من كل مكان فيما المدينة تئن تحت الفوضى وتردي الخدمات والبلطجه وخنق المدينة بنقاط التفتيش وكل نقطه تتبع جماعه وقبيلة وفوضى وشتات وإقلاق السكينه ..

قرأت وسمعت عن الطرقات والجسور وبرامج الاعمار وقضايا الباصات التي تنقل المواطنين فلم اجد مثل هذه المدينة الخاربه والممتلئة بالحفر والمطبات والطرقات المدحمله وشلالات لمياه الصرف الصحي وغياب النظافة وتفشي الامراض وتدهور خدمات الصحة والمرضى راقدون في غرف مثل زريبه او مكان للفئران فلا كهربا ولا أوكسجين ولا غرف عنايه مركزه ولا اهتمام مطلقا

قرأت وسمعت عن خراب المدن والمجتمعات والفوضى لكن مارايته وماعايشته في عدن شي فظيع فظيع لا يمكن ان يكون مكان لحياة البشر مطلقا مطلقا..

تحول فظيع في المعيشة والسلوك الشيطاني وتدهور الاخلاق ونفوق سياسي مخيف وتدهور مؤسسات الدوله وغياب القضاء والحياة المجتمعية وغياب الانضباط والوازع الديني والأخلاقي والحضاري..

طفت كل العالم..

قرأت وسمعت عن كل العالم..

فلم اجد مثل هذه المدينة المنكوبة التي تعيش خارج نطاق الآدمية..