مقالات وكتابات


الجمعة - 12 أبريل 2019 - الساعة 09:26 م

كُتب بواسطة : وليد ناصر الماس - ارشيف الكاتب



إزاحة الرئيس السوداني عمر حسن البشيرعن السلطة, لا يعني على أية حال نهاية للأزمات والاحتقانات التي عانيها ويعانيها الشعب السوداني الشقيق منذ عقود مضت, كما يتصور ذلك الكثير من البسطاء والمغرر بهم.
فرحيل شخص الرئيس وبطانته أو حتى نظامه لا ينهي الأوضاع المتفاقمة أصلا بالبلد.
فالمشاكل والنزاعات التي يعاني من السودان مركبة وأسبابها متداخلة, ولا يمكن القضاء عليها بسهولة, ولن يملك أي رئيس قادم مهما كانت سلطاته عصى سحرية للتخلص منها, بل على عكس ذلك ستستمر وتتعاظم وتستفحل, خصوصا إن الاسترسال في تقديم المطالب الشعبية قد أضحى سيد الموقف, في ضوء توالي التصريحات الغربية المؤيدة للخروج عن الثوابت والقوانين المعمول بها هناك.

فرياح الخريف العربي التي وصلت السودان مؤخرا, لن تسكن إلا بسقوط الدولة السودانية وقيام كيانات هشة على انقاضها كما حدث بالدول المجاورة.

وقد رأينا كيف عمل أعداء السودان بالفترة الماضية على توظيف الصراع الذي شهده جنوب السودان وتمويله وحرف مساره, حتى تمكن أولئك في نهاية المطاف من فصل الجنوب, وخلق دولة غريبة على أرض سودانية عربية.
وفي تقديرنا لن يتوقف قطار المؤامرات عند هذا الحد, فدار فور هي الأخرى مرشحة لتصعيد حدة الأوضاع والنزاعات فيها, وطرح قضية تقرير مصيره في أية حوارات قادمة قد يشهدها السودان, لتقييم وضع الشراكة السياسية فيه.

فالسودان وفق المخطط الصيهو أمريكي مؤهل لقيام عدة دويلات مختلفه على ترابه, تتناحر لاعتبارات عقائدية وعرقية.
فالسودان العظيم بأبناءه الأوفياء, الكبير بمساحته المترامية الغني بثرواته الزراعية والحيوانية والمعدنية, والفريد بموقعه الجغرافي, كان وما زال محط لأنظار الغزاة والطامعين, وقد حانت اليوم فرصة ذهبية أمام هؤلاء للانقضاض عليه وتمزيقه وتفتيته, ولعل خروج المواطنين للشارع للمطالبة بتحسين المستوى المعيشي, قد شكل الذريعة المثلى للولوج المباشر في الشأن الداخلي السوداني.

فالهدف التالي في تقديرنا سيكون حتما المؤسسة العسكرية, تلك المؤسسة الوطنية العظيمة التي وقفت صامدة كالصخرة الصماء في وجه مخططات التآمر التي تعرض لها السودان بالعقود الماضية.

فتفكيك المؤسسة العسكرية سيكون الطريق المؤدي نحو إسقاط الدولة السودانية وإغراق البلد بالفوضى, وزرع المليشيات المتناحرة, وتفخيخ السلم الأهلي, تمهيدا لمشروع التقسيم الذي أُعد سلفا.

لم تتمكن القوى الإمبريالية والصهيونية العالمية من تحقيق مآربها وأطماعها غير المشروعة في منطقتنا العربية بكل بساطة, فحركت لذلك أدواتها وعملائها بالداخل العربي ممثلين بأنظمة متراخية عاجزة, ارتضت لنفسها السقوط والهوان, فوظفت جميع مقدراتها المادية والبشرية والإعلامية, في سبيل زرع الفتن والشقاق وتمويل الصراعات وحركات التمرد لدى شعوب تتقاسم معها الدم والهوية والجغرافيا, وبما يخدم مشاريع أسيادهم وحراس عروشهم المترهلة والمعرضة للسقوط في أي لحظة.
فكان لذلك ما كان وتحقق على أيدي هؤلاء الخونة ما يتطلع له ويرجوه أعداء الأمة.

لكن وبرغم المصاب الأليم الذي حل في جسدنا العربي, فكلنا أمل ويقين بقدوم ذلك اليوم الذي تتساقط فيه الأقنعة المزيفة, وتتكشف الوجوه القذرة على حقيقتها.
وليذهب أعداء الأمة من الحكام الخونة والعملاء إلى مزابل التاريخ, تشيعهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

والله على ما نقول شهيد.