مقالات وكتابات


الأحد - 03 ديسمبر 2017 - الساعة 09:29 م

كُتب بواسطة : د. قاسم المحبشي - ارشيف الكاتب


قبل ثلاثة أسابيع تقريبا زارني الشاعر على فدعق بصحبة صديقي العزيز يوسف اليماني الى مكتبي في كلية الآداب، وسعدت بهما كثيرا، وحينما علمت أن الأخ علي فدعق هو شاعرا نبطيناً، طلبت منه أسماعنا بعض قصائده، فكانت صباحية شعرية جميلة جدا، تمت بالصدفة البحتة، فطلبت منه تنظيم صباحية شعرية عامة في كلية الآداب، فرحب بالفكرة ، وكلفت الطالب أحمد اليافعي رئيس المجلس الطلابي في الكلية بترتيب ذلك، ولكن الظروف اللوجستيكة للكلية حالت دون تنفيذ الصباحية، فكانت مكتبة مسواط الثقافية هي الصدر الرحيب الذي احتضن الأمسية الليلة، منذ الرابعة والنصف عصرا بحضور نوعي من الأدباء والاديبات الشباب. ونخبة من اساتذة الأدب والنقد الأدبي، سير الأمسية الصديق العزيز الشاعر عبدالعزيز بن بريك وكيل وزارة الثقافة.
وكنت مدعو لعمل مداخلة نقدية عاجلة عن أهمية الأمسية والشاعر وقصائدة، فجاءت مداخلتي على النحو الآتي:
الليلة كنا في قلب النار ، نار الحب والأحلام ، في كريتر عدن فوهة البركان، بين صيرة وشمسان، اجتمعنا في مكتبة مسواط التاريخية، أول مكتبة حديثة في الجزيرة العربية، بدعوة كريمة من الشاعر الغنائي المبدع علي فدعق الهاشمي ، هذا النورس العدني المغرد أشواق الغربة والاغتراب، الذي أضطرته ظروف الحياة القاسية في المدينة التي والد فيه ونشاء في
مرابعها الحانية منذ منذ أربعين عاما، ظل مسكون في مدينته الحبيبة حيث ما حل وارتحل، هناك في بلاد المملكة العربية السعودية وفِي مدينة جدة البحرية، حيث أستقر به المقاوم بحثا عن لقمة العيش الكريم، هاجت أشواق الذكرى والحنين في قلب وضمير المهاجر الشاب على فدعق أبن عدن المخلص وهزه البعد والفراق الى مسقط الرأس الحميم، حورية البحار وأميرة المدن القديمة والجديدة، عدن التليدة.
فصاغ تباريح الوجد والاشتياق قصائدا نبطية رائعة السبك وعميق المعنى، وهناك في بلاد الغربة والاغتراب تفتقت موهبة الشعرية، ولمع أسمه في الدوائر الأدبية والفنية الغنائية الخليجية باقة متنوعة من القصائد الغزلية والحماسية والوطنية والحكمية والدينية، وعدد من الشيلات الغنائية الجميلة، التي تم تسجيلها في إذاعة جده فضلا عن المقابلات المتعددة التي اجريت معه هناك. الشاعر علي فدعق الهاشمي أثبت وجوده في العديد من القصائد الشعرية الوطنية والغزلية وقصائد المدح النبوي وهو مؤهل أن يصدر دواوين شعرية .. وكما قيل المعاناه تولد الإبداع. وإذا كانت العادة أن الشاعر ينقل ثقافة بلدة للخارج ولكن الشاعر ابوهاشم نقل ثقافتنا للخارج واتانا بثقافة الشعر النبطي كما إن البيئة العدنية تتميز بالشباب الواعي المتزن في السلوك وهذا نموذج منهم هنا الشاعر تجلى بقصائدة عن الغربة وشرح معاناة المغترب واشتياقة لبلده الحبيب على رغم مايمر به من ظروف صعبه. علي فدعق الهاشمي له حضور جميل في الساحة الشعرية بتطويع الحرف وترجمة معاناة المغترب ومن يقطنون في الوطن من خلال قصائدة الشعرية الجميلة.
على مدى ساعتين اسمعنا الشاعر علي فدعق، باقة متنوعة من أجمل قصائده المنظومة بالأسلوب النبطي السهل الممتنع!
كما استمعنا الى بعض القصائد المغناة بنمط الشيلات الجميلة اللحن والصوت والنغم.
وقد اغتنمت فرصة المزاج الفني النبطي الممتع الذي هيمن على روح قاعة الأمسية في مكتبة مسواط، فضلا عن الحضور الكريم من الزملاء والزميلات الذين أودهم ويودوني، وجربت حظي مع أول محاولة لي
في الشعر النبطي، كتبتها صباح يوم الجمعة الماضية بدوافع وحوافز خاصة.
وهي مجرد خاطرة بعنوان:

مقيد الجنحين بأسير سيرة

يا خاطري وش بيك بكّرت مفزوع
من هيجك وأمسيت محتار حيرة
أجابني مشتاق والنت مقطوع
مشتاق للأحباب في كل ديرة
لمن لهم في القلب معنى وموضوع
فلذات كبدي والعيون القريرة
ياليت لي جنحين باطير مرفوع
ضاقت بي الدنيا بهذي الحفيرة
مكبل الأقدام والشوق مقموع
الحلم واسع لكن اليد قصيرة
الأفق حالك في بلادي ومنزوع
والحرب طالت والزوبع خطيرة
حصار خيم فوقنا بات مطبوق
في خورمكسر والمعلا وصيرة
الحرب طالت والعطش زاد والجوع
يا سلوة الخاطر بغيمة مطيرة
لاعيد يسليني ولا صوت مرجوع
ندور مابين (العكم )والحضيرة
وأنا بغرد خارج السرب واصوع
وحدي برّد الدان وسط المسيرة
غريب بالزحمة بلا صوت مسموع
يعلو بها صوت البقر والحميرة
ما يستمع هدل الحمامة مع الروع
والنورس البحري يغرد بغيرة
للحورية والجعد على المتن منسوع
باغرد أشوِّق القلوب الصغيرة
شوق الضمير الحي بالحب منقوع
ما يفتهم لأهل القلوب الضريرة
الرمز والمعنى مشفر ومصنوع
لأهل العقول الراجحة والكبيرة
من باطل الدنيا أنا صرت موجوع
سم الأفاعي جارك الله مجيرة
يبدلون الورد والفل بالخوع
وخلطوا لول الصدف بالبعيرة
ما كنت أنا بايع ولا أكون مبيوع
كالقز ينسج مسكنه من حريره
عقلي برأس حر ما تبع لمتبوع
عزيت نفسي من سفاسف حقيرة
كالصقر فوق الحيد برحني الشوق
مشتاق أرى تلك الوجوه النويرة
أحلم بشوفتها بها البال منتوع
محلى رحيق الورد وأزكى عبيره
لي لون أصلي لا مزيف ومصبوغ
لون السماء والأرض وقت الظهيرة
ما هنت نفسي قط من أجل قربرع
ولا أحتنى رأسي لمخلوق غيره
الله يارحمن غثنا بشعشوع
الليل موحش والصحاري وعيرة
لمن لهم بالروح والقلب مشروع
بالطائرة باطير أو سير سيره
يا طير حلق بالعلالي ومن فوق
غرد لعميان البصر والبصيرة

قاسم المحبشي
صباح الجمعة ١ديسنمبر ٢٠١٧م