مقالات وكتابات


السبت - 24 نوفمبر 2018 - الساعة 11:18 م

كُتب بواسطة : وليد ناصر الماس - ارشيف الكاتب


يدور هذه الأيام في الشارع المحلي لغط كبير حول موضوع التسعيرة المصرفية المتعلقة بسعر العملة المحلية أمام أسعار العملات الصعبة، فهناك تفاؤل كبير لدى المواطن بالمستجدات الأخيرة، ويتطلع المواطنوان بلهفة لملاحظة انعكاسات ذلك في انخفاض حقيقي في أسعار المواد الأساسية، والتي أضحت عملية توفيرها شاقة جدا، في ضوء الوضع الاقتصادي بالغ الخطورة الذي يعيشه المواطن، بفعل حرب مدمرة طال أمدها، وأضحت بلدنا مرتعا لها.

يحدوني الأمل كسائر مواطني بلدي المغلوبين، إن تترافق بيانات مصرفنا المركزي بحقائق منطقية على أرض الواقع وليست فقاعات يراد من وراءها تحقيق بعض المكاسب السياسية.

وعلى سياق مختلف يشكك الكثير من خبراء الاقتصاد في نجاح الوعود التي قطعتها حكومة (معين عبد الملك) على نفسها بالحفاظ على مستوى معقول لقيمة العملة الوطنية مقابل بقية العملات.

فنجاح السياسة البنكية، يتطلب بالضرورة وجود مصادر دخل كافية لرفد الخزينة المركزية بالعملات الصعبة، ووجود ودائع مالية، فضلا عن تحديد الميزانية العامة للبلد لعام كامل، وعلى ضوء ذلك يتمكن المخططون الاقتصاديون وواضعوا السياسات الحكومية من رسم صورة واضحة وواقعية لمستقبل البلد الاقتصادي، وتثبيت سعر العملة المحلية عند مستوى محدد أمام مختلف العملات.
مما يعني إن تصريحات البنك المركزي الأخيرة ودعواته المستمرة للمصارف المنتشرة بالالتزام بتسعيرته المصرفية التي تتباين من وقت لآخر، قد لا يكتب لها النجاح والديمومة، وهذا أمر يبعث على القلق ونتمنى عدم حدوثه.

المتتبع لمنحنى الاقتصاد في بلدنا منذُ بداية الحرب، يلحظ إن هناك سياسة اقتصادية سلبية يلعبها التجار الكبار والمهيمنون على السوق ضربت العملة المحلية في الصميم، وتحقق لهم من ذلك مكاسب مادية كبيرة، مستغلين في ذلك ضعف الأداء الحكومي وغياب عملية الرقابة والإشراف، غير مكترثين بما يترتب على فعلتهم تلك من أضرار جسيمة بالاقتصاد الوطني، وقد انعكس ذلك بوضوح في انهيار قيمة عملة البلد وازدياد معدلات التضخم، مما ضاعف من مستويات الفقر المتفشي أصلا، وأحال معظم السكان في الجنوب إلى معدمين معتمدين على المعونات الإنسانية المقدمة، وهو الأمر ذاته الذي أشارت إليه معظم تقارير الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان.

لا يختلف اثنان عن مسئولية حكومة بن دغر السابقة عن معظم معانات السكان المباشرة في المحافظات المحررة، خلال السنوات العجاف التي تولت فيها هذه الحكومة الفاسدة عملية إدارة تلك المحافطات، فقد تخلت بكل معنى للكلمة عن مسئولياتها وواجباتها المنوطة بها تجاه مواطنيها، وذلك في أحلك مرحلة زمنية عاشها السكان.
وبعد إن فاض الكيل بهذا الشعب الصابر، وبدأت إرهاصات تمرده عليها بوضوح، جاءت قرارات الرئيس الشرعي الرشيدة، بإقالة تلك الحكومة العبثية، وإحالة رئيسها الغارق في مستنقع الفساد للمحاكمة، والتي نتطلع على أحر من الجمر لنرى مراسيم تلك المحاكمة، واسترداد ما أُهدر في عهد حكمه البائد من مقدرات، ليكون عبرة لمن تسول له نفسه الانحراف عن واجباته ومسئولياته القانونية تجاه مواطني شعبه.

نتطلع اليوم إن تظل الحكومة الراهنة على مستوى عال من اليقضة والمسئولية، وإن تكون طوق النجاة والسبيل السالك للبائسين للخروج من الواقع الاقتصادي المأساوي.
متمنين إن تتاح لها كل عوامل القوة وفرص التمكين لحلحلة الوضع الاقتصادي الصعب والارتقاء بالمستوى المعيشي الراهن.
والله على ما نقول شهيد.