مقالات وكتابات


الإثنين - 10 سبتمبر 2018 - الساعة 05:29 م

كُتب بواسطة : احمد السلامي - ارشيف الكاتب



كان تلفزيون دولة وانتهى به المطاف إلى الخارج ، بعد أن أوصدت أبوابه وضاعت مكتبته !
أحمد محمود السلامي
تهلُ علينا في 11 سبتمبر 2018م الذكرى 54 لتأسيس تلفزيون عدن الذي كان جزء مهم من مشروع إنشاء وسائل الإعلام الوطنية ضمن مكونات قيام و بناء الدولة الجديدة (اتحاد الجنوب العربي ) مثلها مثل الوزارات الاتحادية والجيش النظامي و مؤسسة النقد للجنوب العربي والعملة الوطنية (الدينار) .. وكان على وسائل الإعلام ـــــ خاصة تلفزيون الدولة ـــــ أن تلعب دوراً كبيراً في تهيئة الناس وتعريفهم بأهمية التراص والوقوف مع النظام الاتحادي الجديد التي سيتسلم السلطة بعد جلاء الاستعمار البريطاني في مطلع عام 1968م حسب ما كان مقرر له .. لم يكمل ذلك المشروع نجاحه ، بل انهار بسبب تغير الأحداث وتسارعها وكما قال الشاعر ابوالطيب المتنبي : " تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ " .. جاء في30 نوفمبر1967م نظام جديد قادته حسبوا أنفسهم أنهم الربان والبحر والرياح والسفن ! ودخلوا في صراعات فيما بينهم قضت على كل ما هو جميل خلال 23سنة .
عاش تلفزيون عدن في تلك الفترة بين المطرقة الغليظة للتنظيم السياسي (الحزب) وسندان الدولة المقيدة ونيران الصراعات التي شتت شمل الكادر المهني وقضت على رموزه ونجومه ، ورغم كل هذا أدى التلفزيون دوره على أكمل وجه بفضل تفاني موظفيه وتفاعل المجتمع مع رسالته الإعلامية المحترمة .
اليوم علينا أن لا نقف في هذه المناسبة ونبكي ونتحسر على ما فات ، بل تقع علينا جميعاً مسؤولية الحفاظ على تاريخه من الاندثار والتزوير ، علينا البحث على من تبقى من الأشخاص الذين كانوا على مقربة من تلك الأحداث ونسألهم وندون ما يقولونه وننشره بعد التمحيص والتدقيق . وعلينا أن نحافظ على ما تبقى من أصول تلفزيون عدن وما تبقى من مكتبته الضخمة التي ضاع نصفها بسبب الإهمال وعدم مهنية بعض قياداته المتعاقبة التي أمرت بنقل تلك الأشرطة إلى غرف عشوائية شيدت خلف مبنى البينو ، إضافة إلى ضياع حوالي 1300 شريط (2 بوصة ابيض واسود) نهبها مسلحون في 17 يونيو 2018م الشاحنة التي تقلها في منطقة بلاد الروس بصنعاء عندما كانت في طريق رجوعها إلى عدن بعد غياب دام أكثر من عشر سنوات ويا فرحة ما تمت .
مسألة أخرى يجب الإشارة إليها هنا وهي سطو الأجهزة الأمنية (المأمورة سياسياً) على أشرطة مكتبة تلفزيون عدن وأخذ وثائق تاريخية مهمة وتركها في دهاليز مقراتهم المظلمة حتى تحللت وأصبحت علكة ورماداً . تم هذا اولاً بعد الاستقلال مباشرة حيث أخذت كل الأفلام الخاصة بنشاطات البريطانيين وحكومة اتحاد الجنوب العربي والضواحي والمحميات والمجتمع العدني ككل وما تبقى تم التحفظ عليه ، و بعد إزاحة الرئيس قحطان الشعبي يونيو 1969م ورئيس الوزراء محمد علي هيثم في 1971م والرئيس سالمين في 1978م والرئيس عبدالفتاح إسماعيل في 1980م والرئيس علي ناصر محمد في 1986م وأشرطة وقائع محاكمات 13 يناير وتصوير محاكمة السلاطين والوزراء ومحاكمة علي عبدالعليم ورفاقه ووقائع محاكمة مجموعة دهمس ومجموعة باعوضة ومحاكمة خلية البعث العراقي و محاكمة قتلة الدكتور توفيق رشدي في عـدن .. تاريخ مراحل وأحداث مهمة دمر ونسف تماماً ، علينا أن نعي ذلك ونلملم ما تبقى منه .
كل عام وانتم بخير .