مقالات وكتابات


السبت - 12 يونيو 2021 - الساعة 01:17 م

كُتب بواسطة : محمد الثريا - ارشيف الكاتب



في 26 آذار مارس من العام 2015م أعلن عن بدء العمليات العسكرية للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، حدث ذلك بموجب قرار لمجلس الأمن الدولي أباحت مادته حينها التدخل العسكري باليمن تحت عنوان إستعادة الشرعية اليمنية ودحر الانقلاب .
لسنا هنا بصدد سرد تفاصيل وأحداث سبعة أعوام من عمر الصراع باليمن، فالكل يعلم ذلك، المهم هنا، أنه منذ ذلك الحين والى اليوم لم يقد التدخل العسكري وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة إلى تحقيق أيا من الاهداف المعلنة، لكن ما الذي حدث بالضبط؟
واذا ما سلمنا جدلا بأن الفشل العسكري كان هو السبب في ذلك، فما الحاجة كانت أذن إلى استمرار التواجد والنشاط العسكري في مناطق تعد خارج نطاق دائرة المواجهات ولم يصلها قط غبار الحرب المستعرة بالبلد؟ وكيف يمكن تفسير حقائق وتناقضات مهمة كهذه؟

في الواقع أن تفسير ذلك يقدم نصف الإجابة فيما تقدم أبعاد التسوية السياسية المتوقعة نصفها الاخر .

إذا لم يعد خافيا على أحد اليوم تحول جماعة الحوثي الانقلابية إلى طرف رئيس وسلطة نافذة في معادلة الصراع والحل معا، بمعنى أخر، أن توقيع التسوية تلك سيستوجب سبيلا دفن القرارات السابقة تحت ركام الحرب المتوقفة توافقا.

ليستفيق بعد ذلك اليمن الممزق والمنهك على حقيقة مفادها أن الحوثي الانقلابي بات طرفا شرعيا وصاحب قرار في رسم مستقبل اليمن السياسي مستقبلا.

المستغرب ان كل ذلك حدث بجهود ورعاية إقليمية ودولية كانت حتى الأمس القريب تصف الجماعة الحوثية بالمشروع الفوضوي والذراع الإيرانية التي لايمكن القبول بها في اليمن، بالاخير، تم القبول بذلك، لكن ماهو ثمن ذلك التحول؟ قطعا سيجرنا ذلك مجددا إلى النصف الأول من الإجابة السابقة ومستقبل المناطق الاستراتيجية البعيدة عن رحى الحرب ..!

وليس بعيدا عن ذلك، وفي واحدة من أهم الوقائع التي لعبت دورا محوريا بعد ذلك في رسم مسارات الصراع باليمن على نحو غير متوقع يأتي الحديث عن أحداث أغسطس 2019م في عدن بين قوات موالية للتحالف والتي أسهمت بدورها في تعقيد الأزمة اليمنية أكثر فضلا عن خلقها لواقع جديدا تطلب إحتوائه فيما عرف لاحقا بإتفاق الرياض وهو الاتفاق الموقع بين الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في نوفمبر العام 2019م، غير أن الاتفاق ما لبث أن تحول نفسه إلى اشكالية اخرى وباتت مسألة تنفيذه صعبة للغاية، لنجد أنفسنا مرة أخرى أمام واقع غير مفهوم يضع مسألة وجود راعي الاتفاق (كيانا) بدلا من مسألة تطبيق الاتفاق (نصا) بمثابة الضرورة الحتمية والقدر المسلم به لتفادي شبح إنزلاق المناطق المحررة نحو دورات عنف متجددة، فهل نتحدث هنا عن ثمن أخر للسلام !..

حتى في قصة السنافر، المسلسل الكرتوني الذي شاهده الكثيرون سنجد أن ثمة حقيقة كانت غائبة تماما خلف الصورة التي طبعت في مخلية المشاهد عن تلك المخلوقات !

فشخصية شرشبيل في مسلسل السنافر في الحقيقة ليست من تمثل الجانب السيء والشرير في the Smurfs cartoon وهذه أكثر الروايات تداولاً حول القصة..
اذ كان شرشبيل مجرد كاهن فقير يعيش في كنيسة اسمها برج الجرس الأسود والقط الذي كان معه في الحقيقة هو عزرائيل ويتبع شرشبيل للقضاء على الشر حيث يقال أن السنافر الرئيسية كانت تمثل الخطايا السبع المميتة
(الشهوة،الغرور،الشراهة،الغضب، الجشع، الحسد، الكسل)، وهي تصنيف لمعظم شرور النفس البشرية المخبأة في كائنات زرقاء لطيفة..
أما (بابا سنفور) فكان يرتدي اللون الاحمر لأنه هو رأس كل الذنوب القاتلة، أي أنه الشيطان.
و بحسب هذه الرواية فإن السنافر كانت أرواحاً شريرة تتكاثر في أيام اكتمال القمر بالتعاويذ السحرية، والبراءة الموجودة فيها هي مجرد زي تنكري لإخفاء الشر على الأرض.

وهنا يتضح في النهاية، أن الحاجة من إدخال اليمن في نفق الصراع والاقتتال الداخلي، ومن ثم الدفع به نحو التسليم رسميا وشعبيا لجملة القرارات والتدخلات الخارجية المتكئة على مبررات الداخل وأدواته وتحت غطاء المنقذ لليمن لم تكن بالأساس سوى حفلة تنكرية إرتبط دافع عقدها بضرورة تحديث خارطة مصالح الكبار في اليمن وكيفية تمريرها بطلب ورضاء تام من جميع الأطراف المتصارعة وحواضنها الشعبية دون النظر الى بواطن الشر الذي كانت تخفيه كل تلك الوقائع ونوايا أصحابها .

والمؤسف، أن دراما الصراع باليمن لم تعد تتوقف عند عبث القوى الخارجية المتحكمة فحتى ساسة الداخل باتوا يمضغون ثوم العبث بأفواههم نيابة عن غيرهم، وفي وقائع كهذه سنرى أحدهم وهو يسعى جاهدا لطمأنة أبناء الشمال ومصير أملاكهم في عدن في حين أن أملاك المواطن الجنوبي نفسه لازالت تنهب هناك في ظل غياب شبه تام لدور السلطات المعنية، فيما يعلن السياسي الأخر نفيه حقيقة وجود أي نشاط عسكري في جزيرة ميون رغم أن بيان التحالف نفسه سبق وأكد وجود إستحداثات عسكرية فيها .
وفي واقع الأمر أن هنالك العديد من الوقائع والأشياء التي لازال تتكشف في ملف الصراع باليمن مؤكدة أن حقيقة المواقف والأدوار هي غالبا على غير ما يعلن ويعتقده كثيرون وأن بواطن تلك الوقائع الطارئة عادة تحوي الكثير من الشر والنوايا غير السليمة .