مقالات وكتابات


الجمعة - 07 مايو 2021 - الساعة 02:27 ص

كُتب بواسطة : عبدالكريم سالم السعدي - ارشيف الكاتب



(1)
تابعنا كلمة رئيس مكون الانتقالي بمناسبة ذكرى تجميعه وتصديره للجنوب ، ولا اخفي سرا إذا قلت انه على رغم كل تحفظاتي واعتراضاتي على الكم الهائل من الاخطاء والتجاوزات التي ترتقي إلى مستوى الجرائم التي ترتكبها قيادة هذا المكون في حق الجنوب وقضيته إلا أنني كنت أمني النفس في أن المس شيئا جديدا وحقيقيا يخرج أهلنا في عدن وما جاورها من جحيم المعاناة التي يعيشونها ويصدق مع القضية الجنوبية التي فاقت معاناتها السياسية معاناة الجنوبيين المعيشية.

(2)
تجلى واضحا من مفردات الخطاب أن الإنتقالي مازال يعاني هاجس الرهبة والخوف ليس من الشرعية ولاغيرها من خصوم القضية بل أن مصدر رهبته القوى الجنوبية التي ترفض نهجه في توظيف القضية الجنوبية لصالح أهداف معركة الداعم الإقليمي له.

(3)
تجليات الرهبة تجاه القوى الجنوبية ظهرت في مقدمة الخطاب وجاءت نصا على لسان رئيس الانتقالي حين أكد أن الانتقالي هو (.. المعبر عن تطلعات الشعب والحامل لقضيته والمدافع عنها !!) ، وهو الهدف الحقيقي لمعركة الانتقالي والذي حل محل هدف التحرير المضطرب الذي يرفعه الانتقالي ليستغفل به اتباعه !!

(4)
الصراع على التمثيل الجنوبي كان ومازال الهاجس الذي يشغل جماعة الانتقالي ويجعلها على استعداد دائما لتقديم التنازلات لأي طرف في سبيل تحقيق السبق على اقرانها وما اتفاق الرياض وبنوده إلا محطة من محطات السقوط والتنازل .

(5)
لن يستطيع مكون الانتقالي ان يحقق اي إنجاز وطني حقيقي وهو يعيش حالة توجس وترقب تجاه شركاءه في الوطن وسيستمر حاملا سيادة (باب المندب والممرات البحرية والجزُر الجنوبية على ظهره ) مروجا لنفسه ومحرّجا بها ، وسيحتاج لكي يغادر هذا الوضع ويضبط ايقاع توجهاته وخياراته اولا إلى تحرير ذاته من قيود التمثيل الجنوبي التي تكبله ويعترف بواقعية وجوده كجزء من الخارطة السياسية والثورية الجنوبية ..

(6)
ظهور الخطاب متناقضا يؤكد مشكلة الإنتقالي الحقيقية ، ففي الوقت الذي بدأ الخطاب بتأكيد حصرية التمثيل الجنوبي للانتقالي ، تابعنا قبل نهاية الخطاب ما يناقض ذلك نصا وهو عبارة (.. أن الجنوب لكل ابناءه وبكل ابناءه على قاعدة التصالح والتسامح والشراكة الوطنية واعتماد مبدأ الحوار والحلول السلمية لازالة التباينات وحل الاشكاليات وتعزيز الاصطفاف الوطني الجنوبي ... الخ )!!!

(7)
فكيف للجنوب ان يكون لكل أبناءه وبكل أبناءه وانتم تعلنون في مقدمة كل خطاب وصياتكم على هذا الجنوب ؟

كيف للجنوب ان يتصالح ويتسامح واعلامكم يعلن بكل وقاحة حصرية الحضور لفعالياتكم على مديريتين من محافظة واحدة؟

كيف سيكون هناك شراكة وطنية وانتم توجهون فوهات بنادقكم إلى صدور الجنوبيون وترهنوا حضوركم أي محفل باستبعاد الجنوبيين؟

كيف سيكون هناك حوارا وحلولا سلمية لإزالة التباينات الجنوبية وتشكيل قوام معسكراتكم قائم على العنصر المناطقي والقروي؟

كيف سيكون هناك اصطفاف وطني جنوبي وأنتم تحاربون ابناء الحنوب وقيادات حراكه السلمي وتحتضنون قيادات وضباط الحرس الجمهوري الذين غمسوا أيديهم القذرة في دماء الجنوبيون الطاهرة في العام 2015م ؟

(8)
اما في جانب الانجازات السياسية فقد استمر خطاب الانتقالي بالعبث بوعي اتباعه حيث تحدث عن (...نجاحه في فتح الابواب المؤصدة امام قضية شعبنا وتمكنه من انتزاع اعتراف الاصدقاء وقبلهم والخصوم .... الخ )!
(وللامانة التاريخية فإن هناك انتصارا سياسيا واحدا حققه الانتقالي كمكون ولا أدري لماذا يخجل منه ولا يسلط الضوء عليه وهو ماسمي باتفاق الرياض الذي بموجبه اصبح الانتقالي مكونا سياسيا يمنيا خاضعا للشرعية وشريكا لحزب الاصلاح والمؤتمر الشعبي وبقية القوى اليمنية!

(9)
تحدث الخطاب عن أيادٍ ممدودة للحوار وعن تجديد الدعوة لأبناء الجنوب لتوحيد الصف الجنوبي ... الخ) ، وهذه الفقرة ظهرت في السياق يتيمة تعاني غربة لا تختلف عن تغريبة الجنوب اليوم ، فكيف لخطاب يؤكد في مقدمته أنه حاملا للقضية وممثلا للجنوب والمالك الحصري له ، وفي نهايته يدعي للحوار ، فالفقرتان لا تلتقيان ، فإما أن تتخلى عن حق الملكية الحصرية وتدعي حينها إلى الحوار ، أو تستمر (حاملا) وتدعي إلى الالتحاق بك !!

(10)
حمل الخطاب الكثير من المتناقضات والتضاربات والتزييف والمغالطات ولعل الابرز فيها بأن الانتقالي من أوصل القضية الجنوبية إلى العالم ومن فتح الابواب لها ، رغم أن الحراك الجنوبي السلمي قد انتزع القرار الدولي 2140 في العام 2011م ، بينما الانتقالي تم تجميعه وتربيطه وشحنه وتصديره إلى عدن في العام 2017م !!

(11)
الخلاصة أن الخطاب كان هزيلا ولا جديد فيه ويظهر أن هناك توجيهات صدرت في اللحظة الأخيرة ما بين مرحلة رفع العلم واكتمال سياق الخطاب اربكت جماعة الانتقالي واظهرت خطابهم فقيرا للمعلومة والأرقام التي تؤكد الإنجازات والانتصارات التي سردها الخطاب ولم يشر إليها على الواقع !!

(12)
اتساءل عن موقف الخبجي كرئيس لسياسية الانتقالي وكأحد أبرز قيادات الحراك الجنوبي السلمي في مكونه وذلك من كم التزييف الهائل للحقائق والتوريط المستمر لرئيس المكون في هذا التزييف ، وهل مازال الخبجي يمارس نشاطه السياسي فعلا في مكون (عيدروس) ام أنه أصابه ما أصاب بعض اقرانه من رؤساء الدوائر السياسية في مكونات (اشباه) عيدروس الجنوبية !!

ختاما ..
عودة عيدروس لم تكن بريئة هذه المرة بل كان فيها (رسول فوضى) يحمل لعدن والجنوب بؤسا فوق بؤسها ومثّلت خطوة رفع العلم على الواقع شرارة أولى للفتنة ولكن التوجيهات صدرت فجاءت عقبها دعوة الحكومة اليمنية للعودة في خطاب عيدروس لتعلن تأجيل شر تلك الشرارة ولتثير التساؤل الجنوبي الكبير ( كيف لثائر يدعّي تحرير وطنه ويرفع رايته في اليوم الاول ، وفي اليوم الثاني أن يوجه دعوة لحكومة الاحتلال للعودة واستلام زمام الأمور في ذلك الوطن (مشروع التحرير) !!
وستستمر تساؤلات الجنوبيون طالما استمرت احلام الكفيل الإقليمي واطماعه في ارضهم وسيادتهم عليها !!

بعد الختام..
جاءت التوجيهات لرسول الفوضى وعاد من حيث أتى وتأجل الدمار الجديد الذي كان سيحل بالجنوب بأسم الجنوب وظهر الخطاب هزيلا ومتناقضا ومهلهلا ولم يحمل اي جديد وسيستمر الحال طالما أستمر الصمت السلبيى للوطنيين في مكون الانتقالي وطالما أستمر الانتقالي متعهدا للفوضى يحركه الكفيل الإقليمي كيف يشاء وحين يشاء.. !!

عبدالكريم سالم السعدي
6 مايو 2021م