مقالات وكتابات


السبت - 01 مايو 2021 - الساعة 06:36 م

كُتب بواسطة : محمد الثريا - ارشيف الكاتب



( مأرب تتصدر جولة ليندركينج الخليجية الخامسة )!! هكذا تناولت معظم الصحف والمواقع الاخبارية العربية والعالمية الخبر في تعليقها على جولة المبعوث الاميركي الخاص لليمن مساء الخميس الماضي .
لكن لماذا هذه الخصوصية؟ وكيف أصبحت مأرب تتصدر جهود المبعوث الاميركي لليمن؟

بات من الواضح ان اليمن على أعتاب مرحلة جديدة، وأن تلك المرحلة ستكون بأشراف وإدارة مباشرة من واشنطن هذه المرة، بعد ان ظل الدور الاميركي هناك قاصرا على دعم التحالف لوجستيا وتكتفي إدارته بمراقبة الصراع من بعيد والتدخل احيانا بشكل عبر مباشر .

الرؤية الاميركية الجديدة تضع وقف الحرب على رأس اولوياتها باليمن، جميع جبهات القتال متوقفة على نحو مستغرب، بينما جبهة مأرب وحدها من تشتعل اليوم، بمعنى ! معطيات ظلت تتشكل وعلى إرتباط بهدف يتجلى اليوم ..

من الواضح ان القرار السياسي قد اشتمل جميع تلك الجبهات بإستنثاء مأرب، كما أن الجهود والدعوات الدولية لازالت تفشل في إقناع الحوثيين بإيقاف الهجوم على مأرب، رغم ان جزء من تلك الجهود كان لقاء مباشرا عقد بين المبعوث الاميركي وقيادات حوثية في مسقط قبل أسابيع .

أذن، هنالك توقف شبه كلي لألة الحرب عدا جبهة مأرب لاتزال ملتهبة في مقابل زخم دبلوماسي وتحركات دولية لافتة لوقف الحرب لاتخلو من التعبير عن قلقها المتزايد من انهيار محتمل لجهود السلام حال لم تتم الاستجابة لدعوات وقف القتال، وعليه سيبدو هنا من الطبيعي ان باتت مأرب محط إهتمام جهود وقف الحرب، وان تتصدر جولة مبعوث البلد التي تضع تلك الاولوية على رأس قائمة اهتماماتها باليمن .

لكن هل تظن ان كل هذا حدث بمحض الصدفة؟

قرار الكواليس الاميركي الذي استطاع تجميد معظم جبهات القتال باليمن كان قد ترك عمدا جبهة مأرب نشطة كورقة إبتزاز ومقايضة لأهمية المدينة الاستراتيجية، وبالتالي تتحول مأرب هنا تلقائا الى منطلق التدخل السياسي لأميركا، ومن خلالها سيتاح للامريكان اعادة ترتيب عناصر المعادلة والمشروع السياسي القادم لليمن بصورة عامة .

والحقيقة، ان لدى واشنطن رؤية بعيدة وأهداف إستراتيجية أبعد من وراء اختيار مأرب واستخدامها سياسيا، وهي غالبا إهداف مرتبطة ارتباطا عضويا بسياساتها ومصالحها بالمنطقة عامة، إذ عادة ما تتحرك ديناميكيات اي مشروع اميركي ككتلة واحدة، وعند هذا الثابت، فأنه وبالإضافة الى توظيف واشنطن سياسيا لورقة مأرب لمصلحة تحقيق رؤية معينة لها باليمن، والمقايضة بها في معركة الاتفاق النووي مع ايران، سوف لن تجد ادارة بايدن افضل من فكرة الدفع بالحوثيين نحو التحول الى كيان مسيطر ومؤثر بصورة شرعية في الشمال يحتويه إطار وقالب جيوسياسي مستقل، الى جانب السعي في إجبار السعودية على الاقرار بذلك الواقع والقالب الجديد بدلا من سقوط مدينة هامة بيد الحوثيين واستمرار الحرب، والاسؤ تنصل اميركا عن التزاماتها المعلنة بحماية الاراضي والمصالح السعودية وفي مقدمتها حدود المملكة مع اليمن، جملة تلك التوجهات الانتهازية بلاشك ستغدو وسائل ابتزاز فاعلة في سبيل دعم وضمان نجاح الاستراتيجيات الاميركية المستجدة باليمن والمنطقة .

وبنظرة متفحصة الى واقع الاحداث اليوم والتحول الطارئ في لحن الخطاب السياسي لدى الاطراف المؤثرة والفاعلة في ملف الصراع اليمني، ستجد ان بعض مخرجات الجهود الدبلوماسية للمبعوثين الاممي والاميركي قد أطلت برأسها وأصبحت تردد كثيرا على لسان اطراف الصراع مؤخرا ، وأظن حديث ولي العهد السعودي وغزله للحوثيين، ومن ثم إشادة ولي عهد دولة الامارات بما طرح نظيره السعودي ليست سوى مؤشرات حية تندرج ضمن جملة التوافقات القادمة ومحصلة اولية لمخرجات الجهود الدولية التي يجري وضع لمساتها الاخيرة اليوم .

أخيرا، سيبدو جليا ان جميع الاطراف قد بلغت مرحلة متقدمة من الاستنزاف والفشل ولم تعد فسحة الخيارات البديلة لديها متوافرة بشكل فعلي، الامر الذي من شأنه جعل الدور الامريكي باليمن أكثر حضورا ورؤيته للحل محل توافق وإجماع، ما يعني حقا ان واشنطن ستصبح على موعد حقيقي مع تحقيق اول اهدافها باليمن والمتمثل في تحويل مأرب من محور الصراع القائم الى مرتكز الحل القادم .