الأربعاء - 07 أبريل 2021 - الساعة 05:58 م
(1)
الحديث عن ضرورة التقارب الجنوبي ونبذ الفرقة والدعوة الى حوار جنوبي يضع حد لحالة الصراع الجنوبي الجنوبي المتصاعدة هو حديثا ايجابيا ولا يستطيع وطنيا معاداة هذا الخطاب او رفضه ، ولكن ايجابية الحديث تسقط وتفقد قوة حجتها عندما يأتي الخطاب متخندقا ونابعا من زوايا المكونات والاحزاب وفارضا على الوطنية قيود الشروط السياسية التي تضع المكونات قبل الوطن .
(2)
تتكون الساحة الجنوبية من عدد من المكونات التي تستظل اغلبها بالحراك الجنوبي السلمي الحامل لقضية الجنوب وفقا لمسيرته النضالية وتضحياته وكذلك وفقا للقرارات الدولية والتي يأتي على رأسها القرار الدولي رقم 2140 وبالتالي فإن هذا الحراك الجنوبي يعتبر الحامل الآمن المؤهل لقضية الجنوب وذلك لتحرره من القيود والتعهدات الإقليمية ولوثائقه وادبياته التي تقوم على التمثيل الوطني والتي تدعي للمشاركة الجنوبية وتؤمن بأن الجنوب لكل ابنائه وإن اختلفت مذاهبهم السياسية.
(3)
قضت مكونات الساحة الجنوبية مايقارب عشرين عام منذ العام 1994م حتى العام 2015م وهي تتصارع صراعا غير موضوعيا ظاهره صراع مشاريع سياسية وباطنه صراع ( مناطق ، وجمهوريات ، وسلطنات ، ومشيخات ، واحزاب ) وهو الامر الذي انعكس سلبا على مسيرة الثورة الجنوبية واضعفها ونال من استمرايتها بنفس قوة انطلاقتها الاولى.
(4)
بدأت بوادر الصراعات الجنوبية تظهر في العام 2007م وترسخت وباتت واقعا في العام 2009م عندما تمترس أنصار (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بنسخة 13يناير 86م) ووجهوا كل طاقاتهم وامكاناتهم التي كان يوفرها لهم السيد علي البيض الذي كان يتخذ من الضاحية الجنوبية في بيروت مقرا لادارة نشاط انصاره في الداخل حينها ضد المخالفين لاستعادة هذه (الجمهورية)!
(5)
اعلنت جماعة شرعية البيض بوضوح عن نفسها في العام 2009م وعن هدفها ((استعادة جمهورية يمن 13 يناير 86م)) التي ترى بموجبه انها صاحبة الشرعية كآخر جمهورية حكمت اليمن الديمقراطي قبل أن توقع اتفاقية الوحدة اليمنية وتتنازل عن حكمها للجنوب لصالح الشراكة مع الجمهورية العربية اليمنية في اطار مسمى قانوني جديد هو (الجمهورية اليمنية) ، وفي العام 2017م أُعلنت الجماعة مسماها الجديد (المجلس الانتقالي) !
(6)
قام الجنوبيون بعدة محاولات للتقارب الجنوبي وفي كل مرة كانت جماعة شرعية البيض تعرقل الإجماع وتضع العراقيل أمام تلك المحاولات مستندة إلى الامكانات المادية التي كانت تتلقاها من السيد البيض ، ومن تلك المحاولات وابرزها كانت جهود الرئيس علي ناصر محمد (مؤتمر القاهرة) ، ولجنة المؤتمر الجنوبي الجامع برئاسة الشيخ صالح بن فريد العولقي وماعُرف بلجنة د. مسدوس و د.الوالي ..
(7)
تحدثت قيادة لجنة المؤتمر الجنوبي الجامع وحددت الطرف الذي عرقل عملها والمتمثل بالمخابرات الايرانية التي التقت قيادة اللجنة بواسطة من السيد علي البيض في منزله في الضاحية الجنوبية ، ولم يتحدث حتى اللحظة د. مسدوس ود. الوالي عن الطرف الذي افشل جهودهما ولماذا افشلها وكيف افشلها ؟
(8)
وجدت القوى الإقليمية ضالتها في تسابق وتصارع المكونات الجنوبية فاتجهت نحو خيارين الاول : صناعة مكونات تخترق بها الساحة الجنوبية ..والثاني: تبني مكونات قديمة لاتربطها بقضية الجنوب الا روابط الرفض لتلك القضية والتنكيل بانصارها ، وفي نهاية المطاف خلطت تلك الأطراف بين الخيارين وبتنا اليوم أمام خليط مهجن يعبث بمصير القضية الجنوبية ..
(9)
جماعة شرعية البيض ( الانتقالي) هو أحد مكونات الساحة الجنوبية ولا احد يستطيع نكران ذلك وليس من مصلحة القضية الجنوبية تصدع وانفلاش هذا المكون او غيره من مكونات الجنوب ولكن في المقابل من الخطأ والخطورة ربط القضية بهذا المكون في ظل تركيبته التنظيمية الراهنة ، وهدفه المحدود ، وخطابه المضطرب ، وشروط ومقومات ارتباطاته وتعهداته الإقليمية..
(10)
التمادي في تأجيل ورفض المؤتمر الوطني الجنوبي الجامع سيلحق بالقضية المزيد من الاضرار وسيقوضها في نهاية المطاف ، فتجربة السنوات الماضية اثبتت فشل محاولات التفرد والانفراد بالتمثيل وافقدت القضية الكثير من الفرص التي صنعتها المتغيرات السياسية محليا واقليميا وبات لزاما على الجنوبيين الالتقاء ونبذ ثقافة التصارع والتسابق ..
عبدالكريم سالم السعدي
7 ابريل 2021م