مقالات وكتابات


الخميس - 25 فبراير 2021 - الساعة 08:33 م

كُتب بواسطة : عبدالله جاحب - ارشيف الكاتب



نعم هكذا هي عدن منذ الأزل :
تتؤجع بصمت .
تتألم بهدوء .
تنزف دون ضجيج .
تدفع وتعطي دون مقابل .

هكذا وصفت المدينة الساحلية الفاضلة نفسها ، برحيل أبنها الفنان " رائد طة " رحمة الله عليه ، جسد رحيل " رائد عدن " الوصف والايجاز والتحليل الحقيقي للعاصمة عدن ، وماتمر به من أوجاع وأنين دون أن يلتفت إليها " أحد " ، أو تجد موطى قدم في قاموس ومعجم ( الإنصاف ) .

رائد طة هو الوجه الحقيقي لمعاناة كوكبة طويلة وعريضة من أبناء هذي " العاصمة " ، وطوابير لا أول ولا آخر لها في قوائم الانتظار القصري للموت الحتمي والبطيء الذي يعصف بكل شيء جميل فيها دون سابق أو جرس إنذار .

رائد طة خاض تجربة مؤلمة وصراع حقيقي مع التهميش والاقصاء والتجاهل ، حتى آخر لحظة من انفاسة ، ورفض الخضوع والخنوع والانحناء ، ورحل ( واقفاً ، شامخاً ، مبتسماً ) احتراماً وتقديراً واجلالاً ، لهذا "المدينة " التي ترفض وبشدة الانكسار والانهزام ، وتتجرع (الموت وقفاً وشموخاً ) ، بصمت وهدوء ، على أنها تسقط وتنكسر وتنهزم وتنهار .

جسد رحيل رائد طة أبن عدن الأصيل ، الصورة الحقيقة لأوجاع وأنين وآهات العاصمة " عدن " ، وأرسل رسالة واضحة وفعلية بأن عدن حتى في وجعها والمها وانينها وحزنها ناصعة الأناقة والجمال والبياض ، والأهم من ذلك بأنها حتى في موتها عظيمة وكبيرة وشامخة .

رحل رائد طة رحمة الله عليه مودعاً " عدن " ، وترك خلفة وصاية الوداع والرحيل الأبدي الأخير بأن عدن تموت واقفة شامخة وذلك مايميزها عن الغير وأن الله لن ينساها .. وداعاً رائد طة ..!!