مقالات وكتابات


الثلاثاء - 05 يناير 2021 - الساعة 08:15 م

كُتب بواسطة : محمد الثريا - ارشيف الكاتب



لاشيئ يدعو للأستغراب ! هي توازنات ومتطلبات استمرار اللعبة الدولية بالمنطقة وهكذا توافق الكبار عليها في ملف اليمن، هنالك الفزاعة النشطة في مقابل الدجاجات التي تبيض ذهبا ( مشهد سريالي يختزل كثيرا من أوجه الصراع بالمنطقة) .

لن ترى ولو نصف إدانة من المجتمع الدولي حول ما يرتكبه الحوثيون من جرائم وانتهاكات صارخة وواضحة للعيان، مهمة الأمم المتحدة عمليا باليمن اصبحت تتلخص في كيفية اعداد الجماعة الحوثية وتقديمها كطرف رئيسي في اي تسوية مفترضة للحل الشامل باليمن ( شرعنة الانقلاب)، وهو ما يعني بالضرورة التزام الصمت تجاه ممارساته العدوانية وتحاشي الاشارة اليه مع كل جريمه يرتكبها اتباعه.

يحرص مجلس الامن على وصف الازمة اليمنية ( بالنزاع ) وهو مسمى يتطلب المساواة بين إدعاءات ( دعوى) الطرفين المتصارعين، عوامل التساوي تلك وبحسب قانون النزاعات الدولية تبدو اليوم متطابقة اكثر من اي وقت مضى، غير ان ثمة عامل وحيد متبقي لازال الحوثيون يفشلون في تحقيقه، وهو اظهار القدرة على التعاطي المسؤول والجاد مع جهود السلام الدولية وفي مقدمتها تأكد انتفاء صفة مرتكبي جرائم وكذا ضمان وصول المساعدة الاغاثية الى سكان المناطق الواقعة تحت سيطرتهم .

ومع خفض منسوب المساعدات الانسانية وتدني دعم المانحين لربما يزاح معظم عبء هذا الاشكالية عن كاهل الحوثيين قريبا، لتتبقى بعد ذلك اشكالية وسمهم بـ(مرتكبي جرائم)، وهنا سيحين دور كبار الامم المتحدة في تعمدهم (عدم الافصاح) عن هوية منفذ الجرائم والهجمات الارهابية التي قد ينفذها الحوثيون في كل مرة، وبالمناسبة أظن البعض قد تنبه لنقطة هامة اشار اليها رئيس الوزراء د.معين عبدالملك في كلمة القاها مؤخرا، وهي ( ان السلام يتطلب توافر عوامل لنجاحه وهو ما تعجز جماعة كجماعة الحوثيين ف تحقيقه، اي عوامل السلام)، إثارة تلك النقطة لم يكن مسألة عفوية كما قد يعتقد البعض بل جاءت تلويحا مقصودا ولطالما سعت الحكومة الشرعية منذ مدة الى بلورة هذه الجزئية وتقديمها كمبرر موضوعي من شأنه المساهمة في الضغط أكثر على المجتمع الدولي والدفع من خلاله نحو ضرورة تصنيف الحوثيين جماعة ارهابية، والحديث هنا عن افتقار الحوثيين لقدرة تقديم انفسهم كطرف سلام وليس كطرف نزاع يمتلك قدرات عسكرية مؤثرة.

واضح جدا ان قوة الضغط السعودية التي تمكنت يوما من إنتزاعها تفويضا أمميا يقضي بتدخل قواتها لليمن وفرض هيمنة كاملة على المنظومة الشرعية التي تحكم البلد بأعتراف دولي هناك قد أنحنت تماما أمام الرغبة الدولية القاضية بمنح الحوثيين صفة (طرف شرعي مفاوض) وشريك موازي في التسوية السياسية القادمة دونما السماح بإضعافه او تحجيمه عبر اضفاءطابع (الإرهاب) عليه، لهذا نرى اليوم تزايدا ملحوظا واهتماما كبيرا في تأكيد الحضور السعودي جنوبا على حساب تضائل ذلك الحضور والنفوذ شمالا، ولكن لماذا يحدث هذا؟
في حقيقة الامر، ان

الحوثيين لطالما كانوا مجرد واجهة لرغبة خارجية تمتلك كل مقومات دعمها طرفا محليا هامشيا وقدرة تحويله الى قوة مهيمنة ومسيطرة بل وسلطة حاكمة لجغرافيا واسعة هي (معظم الشمال)، من هنا تحديدا سيكون من البديهي ان تبوئ كل محاولات القوة الاقليمية الطامحة ( السعودية) بالفشل اذا ما قورنت بحجم تلك الرغبة والقوى الدولية الواقفة ورائها.

على كل حال، لم يعد خافيا على أحد اليوم تقسيم اليمن الى كانتونات مأزومة تبعا لرؤى وتوافقات خارطة المصالح الجديدة المستجدة بين القوى العظمى وحلفائها بالمنطقة، في حين ستبقى مسألة التأطير السياسي لتلك الكانتونات متروكة لاتفاقية أمنية مرحلية ريثما يحين اقرار التسوية السياسية النهائية المزمع توقيعها بين اطراف الداخل لاحقا وبحسب الرغبة ذاتها التي رعت سلفا مسار الكانتونات المقسمة عسكريا .

محمد الثريا