مقالات وكتابات


الثلاثاء - 01 ديسمبر 2020 - الساعة 06:55 م

كُتب بواسطة : جهاد عوض - ارشيف الكاتب


يلتبس الفهم وتقل المعرفة لدى كثير من الناس, عن مشاعر واحاسيس المعاقين نحو بعض القضايا والأمور العامة والوطنية, معللين بأنهم واقعين في هم معاناتهم  وضروفهم الصحية والحياتية المحيطة بهم, والتي لا تدع أي عامل أو فكر أخر ينتابهم ويشغلهم عما يعانوه, كالتفكير بالهم الوطني وبما يجري ويحدث في الوطن من فعاليات وأحداث,

 

المعاق  يا هؤلاء  مثله مثل سائر البشر ولكن بإمكانيات أقل, وله مشاعر واحساس متنامي لا يفارقه أبدا, بالحب والانتماء للوطن تفوق ما لدى البعض الذي يقولون فيه كثيرا ولا يعملون لأجله إلا قليلا,

 

المعاق ليس أسير لهمومه وذاته كما يقال, بل يدرك ويتأثر بما بجري  ويعتمل من حوله وفي البلد بشكل عام, وعندما يكون صاحب أرادة وشجاعة, يجعل الواقع والمستحيل حقيقة لا تخفيها العين إلا من به عما في عينه ومرض في قلبه,

 

 وقد شهدنا في الحرب الاخيرة التي شنت على عدن في 2015 وما قام به وجسده بعض المعاقين من تقديم المساعدات والتبرعات المادية والعينية, لدعم الجبهات والمقاتلين حسب امكانياتهم وقدراتهم الخاصة, بل لم يكتفي البعض منهم وظل متفرجا وصامتا, أنما سخر ووهب نفسه وروحه في سبيل الدفاع عن الوطن,  

 

لم يتحمل  المعاق  مناظر الدمار وقتل الابرياء النساء والأطفال في مدينته المسالمة, بل تحركت  وفاحت روح الوطنية والانتماء في نفسه, وانطلق وان كان مبتور أحد القدمين, لتلبية نداء الواجب المقدس الذي تخلى وتقاعس البعض عن الوفاء به نحو وطنه,

 

لم ينتظر او يبحث عن عذر له يعفيه عن أدا الواجب الديني والوطني, كغيره من الأسوياء الذي البعض منهم يبيعون كلاما ويقولون شعرا في الوفاء والفداء للوطن وترابه,

 

أتجه الى ساحات الوغى والمعارك متنقلاً بين الخنادق والمتارس, يد على الزناد والأخرى متكيا على عصاءه ليتنقل بها,

 

صحيح المعاق يعاني ويقاسي من هم الإعاقة, بل مهضوم ومحروم من حقوقه التي كفلتها واقرتها له الحكومة, ويقرا ويسمع ترديدها يوميا على لسان مسوليها وفي وسائل أعلامها المختلفة, كمن يراء جعجعتاً ولا يراء طحينا,

 

إلا أن النوازع والمشاعر الوطنية النبيلة في عقله وقلبه, ثابتة وراسخة لا تتغير ولا تؤثر عليها المؤثرات الصحية والاجتماعية المحيطة والمحبطة أحيانا لذاته واعاقته,

 

جعل من حبه واخلاصه لوطنه درس ومثال يحتذى به في المجتمع وللأجيال القادمة, في الانتماء والدفاع عن حياض العرض والأرض,

 

ولان الشي ب الشي يذكر أحب هنا أن أسرد موقف أخر للدلالة على وعي ومشاعر المعاق الفياضة نحو بلاده, ففي زيارة في نهاية التسعينات تقريبا, قمنا بها مع عدد من المعاقين وبعض الأصدقاء من محافظة أبين, الى محافظة حضرموت أرض الحضارة والثقافة والتاريخ, وفي رحلة تعريفة من المكلا الى مناطق الغيل والشحر والديس, بمعية قائد عمليات المنطقة الشرقية حينها محافظ أبين الحالي أبوبكر حسين سالم, وفي جو جميل واعجاب بما تراه الأعين للمدن وطبيعية الحياة فيها, القيت سؤال مستفزا على أحد المعاقين, قلت له وهو يغني ويردد بعض أغاني الفنان أبوبكر سالم, إلا تسمع بعض القوى الأجنبية وهي تسعى وتريد فصل بعض المناطق أو المحافظة عن اليمن ؟ بالله أسمعوا ماذا قال وكان جوابه !! كلمات قليلة - - إنما تستحق أن تكتب بماء الذهب, رد بسرعة وبعفوية نابعة من أعماق قلبه وبما تفيض فيها من الحب والولاء لبلده, قال : يفصلون راسي عن جسدي ولا يفصلونها عن بلادي, في صوت جهوري وصارم وحازم, يا لها من كلمات وقعت على مسامعنا كالزلزال لدرجة أقشعرت لها أبداننا من سرعة رده وقوة معناها وأثرها علينا,

 

هذه قصة حقيقة ولو قالها قائد عسكري لضجت واشادت به وسائل الأعلام, أنما أوردتها لكم لنؤكد حقيقة المعاق الإنسان المنتمي لهذه الأرض والغيور عليها, ليبعد من في قلبه شك, وعينه قصر نظر نحوه, وبأنه أسير لهمومه وذاته فقط ولا يفكر او ينتابه مشاعر الحرص  بالانتماء الوطني, وبالتالي التضحية بكل ما يملك بماله وروحه في سبيله ورفع شانه,

 

نعم يعاني من عجز نسبي في حركته, أنما بالإيجابية والثقة بنفسه وعدالة قضيته تجعله انسانا اخر ورمزا عاليا يحتذى بقوله وفعله.