مقالات وكتابات


الأحد - 29 نوفمبر 2020 - الساعة 08:19 م

كُتب بواسطة : محمد عبدالله القادري - ارشيف الكاتب


الإعلام اما أن يكون رسالة سامية أو كارثة.
اذا لم يكن الأولى كان الثانية .
يكون رسالة سامية عندما يكون متعصباً للوطن وصاحب نقل صادق وموضوعي وناقداً للفساد وغارساً لمفاهيم ثقافة وطنية وولاء وطني .
ويكون كارثة عندما يكون متعصباً لأطراف ومدافعاً عن فساد ومبرراً لاخطاء وغارساً لمفاهيم تمرد ومشجعاً لممارسات سلبية .
حرية الرأي يجب ان تكون متاحة ولكن قد تكون رسالة سامية عندما يضع صاحب الرأي رأيه بدون تعصبه للرأي وقد تكون كارثة عندما تنطلق من منطلق تعصب للرأي.

يكون الإعلام رسالة تغيير ايجابي داخل الدولة والمجتمع من حيث انتقاد الفساد والتقصير داخل اجهزة الدولة بما يتم التصحيح والمعالجة ، ومن حيث انتقاد التصرفات الخاطئة بالمجتمع مما يقود ايجاد مجتمع راقي فكراً وسلوكاً.

الإعلام نوعان الأول إعلام رسمي وهو المعبر عن دولة وإعلام اهلي وهو المعبر عن شعب ، وتجمع هذا النوعان سياسة وطنية يجب ان يلترم بها الطرفان ليكونا إعلام وطن ، إذا غابت هذه السياسة حولت ذاك الإعلام إلى كارثة داخل الوطن.

بعد قيام ثورة 26 سبتمبر انتقلت اليمن نحو ايجاد وسائل إعلامية وشهدت تقدم في المجال المرئي والمسموع والمقروء ، ولكن تلك الوسائل كانت خالية من السياسة الإعلامية الوطنية مما جعلها ذو تأثير سلبي داخل البلد اضعف المجتمع اليمني بشكل عام وولد ثقافة التعصب الحزبي والشخصي وأثار الصراع الداخلي مما كان غياب ذاك الإعلام خير من وجوده.
إعلام الدولة كان بمثابة دفاع عن فساد ومحصور بتوجه اخباري وسياسي وفاقد لغرس مفهوم الثقافة الوطنية والسلوك الايجابي.
والاعلام الاهلي كان بمثابة دفاع عن اطراف وصاحب ثقافة حزبية لا وطنية.
ولم يكن هناك احتواء وتنظيم وفق سياسة إعلامية شاملة تضم رسالة الفكر والثقافة والاخلاق .
كثير من الوسائل الإعلامية كانت سبباً لتشجيع التمرد وتنمية دعوات التفرقة ونشر ثقافة الكراهية وتأجيج الفتن لتساهم بشكل كبير في جر اليمن نحو الفوضى والاحداث السلبية حتى الوصول للانقلاب الحوثي.
وسائل إعلام في الشمال كانت حافزاً لتشجيع الفوضى في الجنوب والارهاب في أبين وتمرد الحوثي في صعدة.
تلك الوسائل كانت تظهر طارق الفضلي بمجرد بطل في أبين وتظهر عبدالملك الحوثي بمجرد داهية العصر في صعدة ، ولم تتطرق هذه الوسائل لخطر تصرفات أولئك وافكارهم على استقرار المجتمع وأمنه ووسطيته واعتداله .

كانت تلك الوسائل أيضاً تظهر بعض رموز القبائل بحجم اكبر من الدولة وأقوى من الدولة وتتناول تصريحاتهم او تصرفاتهم المعادية للقانون او لبعض سياسة لآخرين بمجرد حدث عظيم وموقف يستحق الاشادة ولم تتطرق تلك الوسائل إلى اخطاء اولئك الذين لم يتخذوا أي موقف إلا من أجل مصالحهم الشخصية وليس من أجل مصلحة الوطن.

في عام 2007 قرأت مقال في احدى صحف المعارضة المشهورة يحمل عنوان رحم الله الامام وسامح الله الثوار.
صاحب هذا المقال هو شخصية قيادية في مكون ذو توجه ديني وقد توفى هذا الكاتب ولا يحق لي ذكر اسمه بعد موته من باب اذكروا محاسن موتاكم .
تحدث في المقال ان عصر الامامة كان أفضل من العهد الذي نعيشه حينها وان الثوار قد اخطأوا عندما قاموا بثورة نقلت اليمن إلى ما نحن فيه.
طبعاً هذا المقال كان نكاية بالسلطة التي تحكم ونابع من اختلاف وصراع بين اطراف سياسية.
تلك الخلافات جعلته يثني على عصر الامامة ويحارب الجمهورية.
مهما كانت الاخطاء والفساد الذي حدث بعهد الجمهورية وعهد صالح إلا ان النقد البناء والوطني لا يتجه نحو تحسين صورة الامامة ، لأن هذا يدل على ان الموقف الذي يتخذه هؤلاء خالياً من الوطنية والمصداقية والمسار الايجابي نحو تحقيق مصالح الوطن .

هذا الإعلام كان سبباً لغرس الثقافة السلبية في المجتمع صاحب الطابع القبلي وجره نحو الاضطرابات والوقوف مع التمرد ضد الدولة وضد الجمهورية.
باختصار كان الاعلام سبباً لتشجيع تمرد القبيلة ضد الدولة وهو الأمر الذي اضعف القبيلة تقافياً وفكرياً ليصب ذلك في مصلحة الحوثي مؤخراً