مقالات وكتابات


الجمعة - 30 أكتوبر 2020 - الساعة 12:08 ص

كُتب بواسطة : جمال أبوبكر السقاف - ارشيف الكاتب



بين الفينة والأخرى، وعند المضايق والفتن، تتعالى الصيحات: أين العلماء والدعاة؟
وهذه ظاهرة إيجابية من جهة إذ تشعر بأهمية دور العلماء وعلو مقامهم وتقديرهم، لكنها من زاوية أخرى تحملهم مسؤوليات خارج تخصصاتهم.
فليسوا هم المجتمع، وإنما هم شريحة مهمة فيه.

ولاشك أن الكمال عزيز، وأن التأسي برسول الله- صلى الله عليه وسلم- مطلب شرعي يصبو إليه كل محب له، لكن في الوقت ذاته لاينبغي التثريب على من قصرت به السبل لنيل الكمال في ذلك، فالمهم والآكد أن يتأسى كل متخصص برسول الله في تخصصه ما أمكن، ويبقى الاقتداء الكلي بشكل عام.
وكُــلُّهُم مِن رسـولِ اللهِ مُلتَمِـسٌ
غَرْفَا مِنَ البحرِ أو رَشفَاً مِنَ الدِّيَـمِ.
فالعالم يقتبس من رسول الله البيان والبلاغ، والقائد يأخذ منه فن القيادة، والسياسي حسن الإدارة، والجندي الالتزام للقيادة، وهكذا سائر الأمور، ثم الكل يشترك في الأخذ من سيرته أبا وزوجا وصديقا وغيرها من الصفات المشتركة.
أما أن يُراد من العالم مثلا أن يكون هو القائد والسياسي والجندي وما إلى ذلك، ويُعاتب ويُلام، فإن ذلك متعذر وغير واقعي إلا في الندرة من الناس،
(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)[سورة البقرة 286]
والواجب التكامل كل من موقعه، فإن ذلك أحرى وأدعى للنجاح في الحياة.(إن الله يحبُ إذا عمل أحدكُم عملا أن يتقنه) السلسلة الصحيحة للألباني.
فالحمد لله الذي جعل في كلِّ زمانِ فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يُحيون بكتاب الله الموتى، ويبصِّرون بنور الله أهلَ العمى، فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيَوْه، وكم من ضالٍّ تائهٍ هَدَوْه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم!
وهولاء هم الربانيون من العلماء، وهم من نقصد أن يكون الاعتدال معهم في تحمل المسؤوليات.

أَقِلّوا عَلَيهِم لا أَبا لِأَبيكُمُ
مِنَ اللَومِ أَو سُدّوا المَكانَ الَّذي سَدّوا
أولَئِكَ قَومٌ إِن بَنَوا أَحسَنوا البُنى
وَإِن عاهَدوا أَوفَوا وَإِن عَقَدوا شَدّوا

جمال أبوبكر السقاف
الخميس:١٤٤٢/٣/١٢هجرية
الموافق: ٢٠٢٠/١٠/٢٩م