الخميس - 22 أكتوبر 2020 - الساعة 11:48 م
بصوته الرخيم رتل إمامنا فجر هذا اليوم آواخر سورة إبراهيم، فكان لقرآءته وقع مهيب، فكل آية يقف عليها، تسدل الستار عن مشهد تعيش اللحظة في ظلاله.
بدأها بذلك الموقف الرهيب المهيب، الذي وصفه القرآن وكأنما أنزل الساعة لتراه رأي العين، خصوصا ونحن نعيش واقعا كادت الآمال فيه تفقد، واليأس يدب، وجو الكآبة يخيم، استبد فيه الظالم وتكبر، وطال أمده فقتل واعتقل وهجّر،
فكان في تصوير الآيات لذله وانكساره، عزاء للنفس وبلسم للقلب، وشفاء للصدر.
(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ *)
* وتتابع الآيات، لتريك مشهد استجداء الظالمين، متناسين أنهم أصموا آذانهم عن أصوات شعوبهم، وتتلذوا بسماع صراخهم واستغاثاتهم، ظانين الخلود في الملك، فكان الجزآء من جنس العمل.
(وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ۗ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ*)
* ثم تنتقل الآيات، لتجعلك تخترق حجب التاريخ، فترى الكيد والمكر الكبار للإسلام ودعاته، ولتعلم أن سنة الماكرين والحاقدين في كل مكان وزمان واحدة، وأن المكر مستمر والسعي له لاينقطع، بحيث لو استهدف جبلا لانهد منه، من هوله، فكان الله لمكرهم بالدعوة والدعاة بالمرصاد.
(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ *)
* ثم تنقلك الآيات لمشهد القصاص، لترى تغير الأمور، ليست الأرض والسموات من تتبدل فحسب، بل حال الظلمة والمظلومين، لقد آن الآوان، وحان الوقت، ليرى المظلوم ظالمه في الحالة التي كان عليها في الدنيا أمام حاكمه الغشوم.
(يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ * لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ *)
* ثم اختتمت الآيات، بالبيان والتبليغ والنذارة للجميع، وأكدت وحدانية الله تعالى؛ ليعلم العلماء والدعاة وكل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، أن الملجأ واللجوء إليه؛ لتتعلق به القلوب، وتأنس له النفوس، وتسلم له الرقاب، ويسكن إليه المظلوم.
(هَٰذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)
جمال أبوبكر السقاف
الخميس: ١٤٤٢/٣/٢٥ه
الموافق: ٢٠٢٠/١٠/٢٢م