مقالات وكتابات


الأربعاء - 01 أغسطس 2018 - الساعة 07:42 م

كُتب بواسطة : عبدالكريم سالم السعدي - ارشيف الكاتب


يكثر البعض الجنوبي من رمي «الشرعية» بعنصرها الجنوبي باللوم، ويحمّلها وزر كل مايحدث في عدن، ومع تسليمنا بأن الحكومة «الشرعية» ليست ملائكية ولها ما لها وعليها ما عليها من حيث تحمّل مسؤولية التقصير والفساد؛ إلا أننا نرى أنه كتب عليها أن تحاسب على أخطاء ترتكب في بقعة جغرافية ينازعها المسؤولية فيها قوى أخرى غيرها ولا تنحصر المسؤولية عليها فقط.

فلو أننا كجنوبيين وقفنا موقفاً واحداً في وجه القوى الأمنية والعسكرية (الخارجة عن تلك الشرعية) التي تقيم النقاط غير القانونية في مداخل محافظة عدن ومخارجها وفي شوارعها الرئيسية والخلفية، وتقيم المعسكرات والألوية المسلحة في مدنها ومديرياتها؛ بل وتغلق بعض مناطقها في وجه تلك «الشرعية» وفي وجه كل جنوبي لا ينتمي لتلك القوات المناطقية والشللية والحزبية، لكان انتقادنا لـ«الشرعية» موضوعياً ومنطقياً، ولكانت مطالباتنا لـ«الشرعية» مقنعة ومقبولة، أما أن نذهب إلى التطبيل والتلميع وإعلان المواقف الداعمة لتلك العصابات التي تغتصب حرية وأمن محافظة عدن، وتقيم فيها القوات العسكرية غير الوطنية والتي تخدم أجندات القائمين على تلك القوى والدافعين لها وتقتل روح القانون فيها وتمنع قيام مؤسسات الدولة في مجتمع عدن المدني، ونأتي في ذات الوقت لنطالب «الشرعية» بفرض الأمن وتصحيح الاختلالات، فالأمر يظهر هنا أنه مجرد عبث يصب في خانة المماحكات والتنافس على النفوذ في عدن.

هناك مثال حي أمامنا، فقد كنا لا نكف عن رمي اللوم في مربع «الشرعية» بعنصرها الجنوبي بخصوص ما يحدث في جزيرة سقطرى، التي كانت تعاني ما تعانيه عدن اليوم، وعندما تحركت «الشرعية» بإسناد أبناء سقطرى الأبطال، وفرضت المتغيرات هناك، وانتهى دور القوى الخارجة عن «الشرعية» في سقطرى، رأينا كيف استتبت الأمور وتصالح أهلنا في سقطرى مع الحياة الطبيعية، وجنوا ثمار عدم صمتهم وعدم استسلامهم لتلك القوى الخارجة عن «الشرعية»، ونالوا حريتهم على جزيرتهم تحت راية «الشرعية»، فهل سنفعلها في عدن ونوقف عبث الجماعات الخارجة عن «الشرعية» حتى يتسنى لنا محاسبتها على تقصيرها تجاهنا جميعاً؟

إذا أردتم لنا أن ننتقد «الشرعية» ونحاسبها ونلومها ونحاكمها، فإن هذا لن يكون وأنتم تقدمون لها مبررات كل ما يحصل من عبث وتقصير، ارفعوا نقاطكم غير «الشرعية» وغير القانونية من مداخل عدن ومخارجها، أرفعوا نقاطكم التقطعية من شوارع عدن الرئيسية والخلفية، افتحوا المناطق المغلقة أمام تلك «الشرعية» واتركوها تقوم بواجباتها، وحينها سيكون لنا ولكم وللشعب في الجنوب حق محاسبتها أما أن نحاسبها على انفلات أمني، أنتم تساهمون في صنعه، وعلى تدهور اقتصادي أنتم شركاء في وجود أسبابه ومبرراته، وعلى غياب مؤسسات الدولة وأنتم تعملون بكل ما أوتيتم من مال ودعم في منعها ومنع أي شكل من أشكالها بالتواجد على الأرض في عدن، فهذه هي «القسمة الضيزي»، وهذا هو التمترس المريض في خندق الباطل.

خطاب الرئيس هادي، الأخير، واضح وتحركاته حملت رسائل كثيرة للداخل والخارج، وعلينا كجنوبيين انتزاع رؤوسنا من الرمل ومحاولة استطلاع مايدور حولنا خصوصاً إذا ما استمرينا في إصرارنا على الحديث باسم «القضية الجنوبية»، فالقضية لا يمكن أن تأتي من بوابة المناطقية والشللية، ولا من بوابة القبيلة، وإن أتت فدولتها لن تكون أحسن حالاً من دولة سنحان التي قضت كل عمرها في صراع وانتهت إلى بطانية أبو تفاحة!

على القوى الخارجة عن «الشرعية» في الجنوب أن تكف عن تقاذف الكرة في حدود ملعبها؛ فقد حان الوقت أن ترمى تلك الكرة خارج ملعبها إلى ملعب «الشرعية»، وبهكذا فعل تكون «الشرعية» هدفا لغضب الشعب في حالة ما أخفقت في توفير متطلبات حياته، وفي حالة ما أخفقت في بناء أساس مؤسسات الدولة، أما أن تستمر تلك القوى تقاسم تلك «الشرعية» ولو «خطابياً» السيطرة على الأرض، فإنكم تصبحون مسؤولين أسوة بها عن حالة الانفلات الأمني والتخبط الاقتصادي والضياع الاجتماعي، الذي ينهش في جسد المناطق الجنوبية المحررة.


عبدالكريم سالم السعدي
1 أغسطس 2018م