مقالات وكتابات


السبت - 15 أغسطس 2020 - الساعة 03:05 م

كُتب بواسطة : انور الصوفي - ارشيف الكاتب


عندما تخرج في عدن وتجد الشباب والشيوبة مجدلين على الدكك، والطرقات، وفي المشارب، والمقاهي، وتجدهم يضحكون، ويمزحون تتوقع أنهم خرجوا من فندق سبعة نجوم، وعندما تعلم حقيقتهم تشفق عليهم.

فالواحد منهم يخرج من بيته مجبراً بسبب انطفاء الكهرباء، وبسبب انقطاع الماء، فالكهرباء أغلب ساعات اليوم طافي، ولو شحنت البطارية يتقشف المواطن بها، فرب الأسرة يخرج ليوفر حق مروحته، والأم تنصح الأبناء بالخروج ليوفروا حق السراج لليل عدن المظلم، والحار، أي بالعدني يلحـَّسوا الكهرباء لحاس، ويتملسوا بالماء تملاس، فالكهرباء في عدن لا تولع إلا لتطفي، فعندما تولع تجد البيت في حالة استنفار، واحد يركض نحو الدينمو ليطلع المي، وواحد نحو الحمام ليغسل ملابسة، والحرمة نحو الخلاطة لتخلط البسباس، والذي يجري يشحن جواله، ويا لطيف ألطف على المواطن.

كهرباء عدن، والوضع في عدن هو نموذج مصغر لما يدور في بقية المحافظات مع تحسن طفيف في بعض المحافظات في جانب الخدمات، وفرق شاسع في روعة الأجواء في أغلب محافظات الشمال الباردة.

إن أردت أن تدرس بؤس المواطن اليمني فلتكن عينة الدراسة من عدن، فالأجواء حارة فل، والكهرباء مقطوعة على الكل، والماء بوز وبأسعار سياحية، فالمواطن العدني مواطن معذب، وسالي، فتراه مرحاً، وممازحاً، وبشوشاً، وعباراته طوال يومه: الله يحفظك، الله يسلمك، سلم لي على جده، وبوس لي حمزة، وانتبه على الجهال، وربك يفرجها، عبارات تدل على رضاهم بما قسمه الله لهم، على أمل أن ينتقم ممن عذبهم، ويعذبهم.

المواطن العدني مواطن معذب وسالي، حاولوا أن يكرهوه في مدينته، ولم يعلموا أن بين المواطن العدني ومدينته ترابطاً أبدياً، فلن يترك العدنيون عدن إلا إلى مقابر عدن، فمهما عذبتموهم، فستظل البشاشة على وجوههم، ولن تستطيعوا أن تسلبوا بشاشتهم، وسلاهم، ومرحهم، فهذا هو موروثهم، يا لصوص الخدمات، ويا سرق المتنفسات، فالمواطن العدني معذب، وسالي.