مقالات وكتابات


الإثنين - 20 يوليه 2020 - الساعة 07:50 م

كُتب بواسطة : جمال أبوبكر السقاف - ارشيف الكاتب


قال تعالى:(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)[سورة البقرة 186]
تبين هذه الآية بوضوح وجلاء أن الدعاء عبادة ينبغي للعبد أن يتقرب بها إلى الله، كسائر العبادات كالصلاة والزكاة والصيام وغيرها، بغض النظر استجيب للعبد دعائه أو ادخر له.

فهل أنت ممن يقول: دعوت ودعوت ولم يُستجب لي؟
البعض هذا شأنه يدعو الله، ثم ينقطع؛ لاستعجاله الإجابة، أو لظنه أنه لم يُستجب له.
ولايدري أنه بذلك يحرم نفسه خيرا كثيرا.

فالدعاء هو العبادة، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النُّعمان بن بَشِير -رضي الله عنهما- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الدعاء هو العبادة)، ثم قرأ: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]؛ رواه أحمد، وهو في صحيح أبي داود للألباني.

وعليه فإن على العبد أن لاينقطع عن الدعاء؛ إذ هو في عبادة من أجلّ العبادات التي أمر الله عباده بالتقرب إليه بها.
ومع ذاك فقد ضمن الله لداعيه الاستجابة، إن دعاه كما يجب
قال تعالى:(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)[سورة البقرة 186]

ومما ينبغي على الداعي مراعاته:

* أن يكون على يقين مما وعده الله به، كيف لا! وهو سبحانه( أصدق قيلا)و(وأصدق حديثا)
قال صلى الله عليه وسلم: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" رواه أحمد والترمذي
وحسنه الألباني في (الصحيحة)

* وأن لايعجل أو يدعو بإثم:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يَدْعُ بإثم، أو قطيعة رحِم، ما لم يستعجل) قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: (يقول: قد دعوتُ، وقد دعوتُ، فلم أرَ يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك، ويدَعُ الدعاء) متفق عليه.

* وأن يكون طيب المطعم والمشرب والملبس: ففي الحديث:
"ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ! يَا رَبِّ! وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟"رَوَاهُ مُسْلِمٌ

فالاستجابة مضمونة ووفاء الوعد من الله سبحانه مضمون
ولكن غير المضمون هو أن يكون الدعاء مستجمعا لشروطه وأن تكون الموانع التي تمنع من الاستجابة منتفية عنه، فإذا تحقق هذا كانت الإجابة، -وهذا لا شك هم يحمله المؤمن-

ولذا كان يقول عمر-رضي الله عنه-:(والله إني لا أحمل همّ الإجابة، ولكني أحمل همّ الدعاء)
وليس معنى ذلك أن يحصل المطلوب بعينه وفي الحال،

ولنعلم أن صور الاستجابة للدعاء تتنوع، كما ورد في الحديث عن
قال صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها" قالوا: إذا نكثر! قال: "الله أكثر". رواه أحمد وصححه الألباني في (صحيح الترغيب).

ومما ينبغي للداعي أيضا أن يتحين أوقات الإجابة ويستثمرها
والتي منها:
* نزول المطر، عند الأذان، وفي السفر، وبين الأذان والإقامة، عند السجود، الثلث الأخير من الليل، آخر ساعة في الجمعة، بين الأذان والإقامة، وغيرها من الأوقات التي ثبتت بالأحاديث الصحيحة.

وفقنا الله وإياكم لذكره وشكره ودعائه ومرضاته.

جمال عبدالله أبوبكر
الاثنين: ١٤٤١/١١/٢٩هجرية
الموافق: ٢٠٢٠/٧/٢٠م