مقالات وكتابات


الأحد - 03 مايو 2020 - الساعة 06:50 م

كُتب بواسطة : جمال أبوبكر السقاف - ارشيف الكاتب



خطباءنا وأئمتنا الفضلاء الكرام. حفظكم المولى فعليكم السلام.
لقد كنتم ومازلتم تبلون حسنا في نشر العلم وحماية الفضيلة والمحافظة على الأمن والسلم الداخلي وتماسك النسيج الاجتماعي،
فاستمروا على الوفاء لله تعالى بعهدكم والمضي في جميل فضلكم ونهجكم مهما لقيتم من خذلان مشين فتذكروا أنكم تتعاملون مع من لايضيع عنده أجر المصلحين المحسنين.
لم يغب عن الناس بعدُ- رغم محاولات التغييب- جهدكم وجهادكم ضد الغزاة لمحافظتكم، فما زالوا يتذكرون أنكم كنتم مع المخلصين من أبناء المحافظة عدن وماحولها منطلقا وقادة للمقاومة فيها، وسدا منيعا أمام الطامعين بها، وكانت منابركم منارات للصدح بالتكبير والتوعية والتثبيت والتحشيد وإعلان النفير.
فلايفت في عضدكم ماتجدونه اليوم - وللأسف - من هضم وظلم كبير في مقابلة بذلكم وتضحيتكم بجزاء (سِنِمّار) في التنكر الجاحد لكم والمكر الكبار بكم.
ولا ينبغي أن يثنيكم ما تلقون من الصد والرد، فما زالت ضرورة الناس إليكم تتجدد؛ لما خبروه من صدق توجهكم واعتدال نهجكم وعظيم نفعكم، فقد خبر الناس بأفعالكم قبل أقوالكم أنكم أبعد الناس عن أعمال الظلم والفساد وعن المصالح والأطماع الشخصية وأنكم أرأف وأرحم الناس بهم، فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيَيتموْه وجاهل علمتموه وكم من ضالٍّ تائهٍ هَدَيتموْه، فما أحسن أثركم على الناس وأقبح أثر الناس عليكم! 

واليوم.. هاهي المحافظة الحبيبة عدن تكافأ بغياب الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء ووقود وطرقات وتعليم ورعاية صحية وأمن وتقدم فيها المكافآت بحسب الولاءات والانتماءات على حساب الخبرات والكفاءات وتغرق عدن في الأوبئة وطفح مياه المجاري وآثار السيول والعفن، والظلام والمرض، ولم تحرك لدى الجهات المسؤولة أدنى شعور بالمسؤولية أو قلق أو شجن!!

أيها الأئمة والخطباء أنتم اليوم في مَهَمّة لاتقل عن ماضيها، في الاستمرار على ماعودتمونا من حماية أرواح الناس من الأوبئة فيها وإرشادهم للوقاية منها، فذلك من صميم واجباتكم وعظيم غاياتكم.
إِذَا القَوْمُ قَالُوا مَنْ فَتَىً خِلْتُ أنَّنِـي
عُنِيْـتُ فَلَمْ أَكْسَـلْ وَلَمْ أَتَبَلَّـدِ
كنتم السباقين لغلق مساجدكم بينما نرى أعينكم تفيض من الدمع حزنا على فراقها؛ خشية انتشار العدوى ومحافظة على النفوس بعد أن رأيتم دول العالم وماصنعه بها الفيروس، وكنتم خير قدوة في حال إصرار العامة على التجمعات في الطرقات والمولات و سوق القات.
وحين رأيتم تخلي المسؤولين عن واجباتهم، آثرتم مرة أخرى أن تبذلوا ماتستطيعونه من النصح والتوعية من التقارب الجسدي والأخذ بالاحتياط الصحي ففتحتم - رغم المخاطر - مساجدكم ؛ لتوجهوا الناس لما فيه صالحهم ومصالحهم، بعد أن رأيتم تخلي الجهات المسؤولة عن القيام بواجبهم ولسان حالكم يقول: (خذوا الكراسي والمناصب لكن خلّوا لنا المساجد ولاتخربوا الوطن) .

فلازموا أيها الأحبة مساجدكم ومنابركم لأداء رسالات التعليم والتربية وبذل واجبات النصح والتوجيه والتوعية، خذوا احتياطاتكم الأمنية من السفهاء، والصحية من الوباء، وانصحوا المسؤولين بترك المناكفات السياسية والحسابات الحزبية،
وتوفير العلاج اللازم والوقاية والحماية اللازمة للأطباء لتمكينهم من القيام بواجبهم في رعاية المرضى في هذا الظرف العصيب،
وأمروا الناس ببذل أسباب الوقاية من سائر أنواع الأوبئة والحميات قبل انتشارها وقبل الاضطرار لفتوى ادخلوا مساكنكم وصلوا في بيوتكم.

ولتكن منابركم بالتوعية مفعمة، ومواعظكم للناس مطمئنة.
فلله دركم، ماأعظم جهادكم وأعمق أثركم.
دمتم دعاة للخير والفضيلة، وأمانا للمجتمع، وحماة للدين والوطن.
لكم منّا خالص المحبة والشكر والتقدير وأجمل ماتحمله لكم قلوبنا من عبارات الثناء والدعاء حفظكم الله والمحافظة والبلاد من كل سوء ومكروه وفساد ووباء وبلاء.

جمال أبوبكر السقاف
الأحد: ١٤١٤/٩/١٠ه
الموافق:٢٠٢٠/٥/٣م