مقالات وكتابات


الجمعة - 31 يناير 2020 - الساعة 12:49 ص

كُتب بواسطة : جمال مسعود - ارشيف الكاتب



لست محرضا ولا زعيما ثوريا ولا داعيا لانقلاب تربوي على الحكومة الشرعية ، ولكني باحث عن أي حل من الحلول لأزمة التعليم اليمنية  فلقد سئمنا معاشر المعلمين والتربويين الجنوبيين الانتظار واستنزاف العمر في المعاناة والمعلم لايشعر باهمية وظيفته ومكانتها والاجتماعية  

لم يعد لدى المعلمين والتربويين الجنوبيين بعد انسداد الافق من خيار سوى الفصل السياسي وهو الاكثر صعوبة وحسم في التفاوض من اجل الحقوق في ظل التعنت والفشل الدائم والمقيم في حلحلة الازمات ومعالجة القضايا . انه جدار خرساني وحائط صد اصطدمت به المناشدات والمطالبات والتهديدات ، طريق مسدود ومستقبل قاتم لاينفذ منه الضوء ، ولن ترى من خلفه بصيص أمل ، يأس واحباط وتدمر يجبرك على الرضوخ للامر الواقع المرير والتعايش معه بالفشل والعجز والمماطلة والتسويف .. تضحيات جسام وارواح زهقت ودماء شربتها محافظات الجنوب وهي تنازع من اجل الحرية والكرامة والدفاع عن الوطن وصد العدوان المرة تلو الاخرى انتهت وانتهت معها ذكرياتها المؤلمة ، عادت بعدها الحياة وعادت المدارس تفتح ابوابها وتحتضن الطلاب بدفئها ، ونفض الجنوبيون غبار الحرب عن جدران بيوتهم وطلوها بطلاء ابيض فاتح مشرق باشراقة الامل المنشود بالمستقبل الوضاء والغد المشرق ، حمل المعلمون حقائبهم وانطلقوا يمسحون السواد المتفحم من دم الحرب المتناثر في ارجاء الصف الدراسي ومن على السبورة البيضاء وكتبوا الدرس الاول بعد الحرب لتنطلق الحياة من جديد . فانطلقت سنة وراء سنة وعربة التعليم والمعلمين وضعت فيها دواليب متعرجة من اضرار الحرب لم يهتم السياسيون بتغيير عجلاتها فتعثرت في اول خطوة من خطوات انطلاق الحياة العامرة لتظل الجنوب محررة ومقيدة محررة من العدوان الغاشم المهزوم بتضحيات الابطال والمقيدة بدواليب صعبة الحركة ولاتسمح بانطلاق مركبة التعليم بتعقيدات التوجهات السياسية ، لم يتم تحديد بوصلة الاتجاه للانطلاق نحو هدف منشود طفتعددت عجلات القيادة فسارت كل عجلة باتجاه اهدافها غير ان عربة التعليم في الجنوب ظلت قابعة في مكانها تنفض كل مايتسخ ويلصق بها من هذه الازمة او تلك .. وحدهم المعلمون والتربويون الجنوبيون من تمسكوا ببوصلتهم الاصلية الجنوبية ووحدهم من يعزف الحان الجنوب ويردد اناشيده ليحفظها الاطفال في المدارس والشباب في الثانويات وحدهم من نادى بهويته وناور للتعبير عنها في رسائله ومناشداته طالب بحقوقه كمعلم جنوبي فتح المدرسة ليرتقي بها وبطلابها نحو المستقبل المنشود الذي انشغل عنه السياسيون واغمضوا اعينهم وتجاهلوا صدى صوته المتردد كل عام ليصطدم بجدار الازمة السياسية اليمنية التي لاتكاد تنتهي حتى تعود وتبدأ من جديد ربطت معها مستقبل التعليم في الجنوب وعرقلة جهود الانطلاق نحو المستقبل ،  نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين رفضت الاقرار بالفشل والعجز والتعاطي معه كأمر واقع فاستنفرت عزائم المارد المستكين وايقضت الصرح التعليمي وصرخت باعلى صوت لها تردد صداه في كل ارجاء الجنوب الجغرافي ليبين وحدة الهدف والوسيلة فاعلنت النقابة الاضراب العام عن التدريس فوصل بيان النقابة الجنوبية حد حدوده الجغرافية ليستجيب الانتماء وتنفذ الهوية الجنوبية للتعليم بيان النقابة وتخضع له معبرة عن الاستجابة الطبيعية للهدف وهو تحسين المستوى التعليمي في الجنوب وللمستوى المعيشي للمعلم الجنوبي المتحرر من قيود التبعية والهوان الفارض هيبة التعليم وشخصيته الساعي نحو المستقبل الوضاء وكذا تنفيذ بيان النقابة الجنوبية بالاضراب الذي وحد القرار المتعرض من قبل المعرقلين الضبابيين للاعاقة والعرقلة بشتى الوسائل .. انتفض المعلم الجنوبي وخرج لاول مرة يقرع باب الحاكم مناشدا اياه بالاستماع لصوت زئير المعلم الغاضب الرافض للتقليل والانتقاص من حقوقه ومكانته فاحتشد لاول مرة ملبيا طلب النقابة التي فرضت شخصيتها وتمكنت من جذب مغناطيس الحقوق للمعلم الجنوبي ببيان نقابي متخصص لم يعترف به ويعمل ببنوده الا الجنوبيون الرافضون لتطبيع العجز والفشل والتسويف والمماطلة والربط السياسي لحقوق المعلم بحل الازمة السياسية اليمنية المعقدة والشائكة .. فهل سينتقل المعلمون والتربويون الجنوبيون الى مرحلة جديدة من المطالبة بالحقوق الى انتزاعها عبر الفصل السياسي لقضايا التربية والتعليم في الجنوب عنها في الشمال واعلان فك ارتباط تربوي وتعليمي جغرافي .. ؟ وهل سيفصل المعلمون والتربويون الجنوبيون حقوقهم المادية من ميزانية وزارة التربية والتعليم اليمنية وعكسها في وزارة جديدة هي وزارة التربية والتعليم الجنوبية … ؟ وهل ستتمكن نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين من اعلان فك الارتباط لوزارة التربية والتعليم كما اعلنت في ٢٠١٢ م فك الارتباط النقابي وتشكيل نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين… ؟ وهل ستتمكن النقابة من فرض سلطة الامر الواقع وتنتزع وزارة التربية والتعليم انتزاعا وتعلنها اول وزارة جنوبية بفرض الامر الواقع على الجميع وتستفيد من سد الثغرات والمنافذ وتحكم اغلاق ابواب الصرف المالي وتفرز الوهميين وكبار الفاسدين من كشف الراتب وتعكس ذلك كله في اعادة التوزيع الحقيقي للمعلم والتربوي في الحدود التاريخية والجغرافية الجنوبية بعيدا عن التسويف والمماطة والتآكل المستمر لروح التعليم ومقامه الرفيع في الجنوب … ؟ وهل سيقدم المعلمون والتربويون الجنوبيون دروس التحرير الحقيقية والبناء الصادق .. ؟ ماذا لو صدر قرار النقابة بالحسم النهائي لمعاناة المعلمين والتربويين الجنوبيين بعد خمس سنوات من التعطيل والاقرار بالفشل الشامل وتم الاعلان من طرف واحد بالتحفظ على وزارة التربية والتعليم اليمنية في عدن وتحويلها بكل مقدراتها ومكاتبها ومواردها وارصدتها وبرامجها وانشطتها وكل وظائفها في الداخل والخارج الى وزارة التربية والتعليم الجنوبية وتنصيب اول وزير بالوظيفة والهوية والانتماء الجنوبي وفرض سلطة الامر الواقع والبدئ بالمعالجات الجنوبية الذاتية لقضايا التعليم والبدئ بحقوق المعلمين والتربويين ثم تنطلق نحو الجنوب بحرية واقتدار واتباع لدروس المعلمين في التحرير الذاتي والوطني  .. فهل ستولد وزارة التربية والتعليم الجنوبية بعد خمس سنوات بوزارة تربية وتعليم فشل الى فشل وابرزه الفشل الحكومي في معالجة قضايا المعلمين تحت مبرر الحرب والازمة اليمنية التي من المتوقع الا تنتهي ويظل المعلم والتربوي الجنوبي في قائمة الانتظار سنوات اخرى . ليكن عام ٢٠٢٠ م عام الانتصار لمكانة المعلم الجنوبي وانتزاع حقوقه او ليبقى الوضع على ماهو عليه وعلى المتضرر دخول الصف والاستماع لدرس فاشل غرضه استكمال الحصة الدراسية وانجاز الخطة وتسليم الدرجات بلا روح ولا حياة تعليم معلب وسفري نتائجه تنعكس على مستقبل ابنائكم فتوقعوا ان يغادر المعلم الحصة الدراسية ويتسرب منها كما يتسرب طلابه ولكن هو سيتسرب من اجل البحث عن عمل يسد به احتياجاته الاسرية