مقالات وكتابات


الجمعة - 24 يناير 2020 - الساعة 02:24 ص

كُتب بواسطة : احمد السلامي - ارشيف الكاتب



اذا استمر الوضع في المحافظات الجنوبية هكذا ، يسيرُ من سيئ إلى أسوأ عقداً من الزمن فلابد ان تتغير تسمية وزارة التربية والتعليم الى : وزارة محو الأمية وتعليم الصغار ! وهذا يعني اننا صرنا شعب اُمي متخلف عن بقية

شعوب العالم التي تتقدم وتتطور كل يوم بفضل اهتمامها بالتعليم رسمياً ومجتمعياً . في حالتنا هذه لن تنفع مستقبلا  إلا  برامج محو الامية والمدارس الاهلية التي تعتبر الان هي الافضل من المدارس الحكومية المغلقة الذي يعتبرها البعض بردعة وزارة التربية والتعليم التي تُضرب بعصا المُعلم بين فترة وأخرى من كل عام للمطالبة بحقوق قانونية لا يستحقها

البعض منهم ، وهي حقوق مشروعة ليس فقط للمعلمين بل لكل الموظفين الذين لا يستلمون رواتبهم بالعملات الاجنبية !

منذ سنوات طويلة اهتمت الحكومات المتعاقبة (الفاسدة) ببناء المدارس والتوسع فيها ولم تهتم ببناء المعلم وتأهيله وتدريبه بالشكل الصحيح والسبب بسيط وهو ان بناء المدارس ينفذه مقاول يدفع لبعض القيادات الفاسدة ملايين الريالات خلافاً للتسهيلات الاخرى ، اما تأهيل وتدريب المعلم ينفذه اشخاص لا يمتلكون غير الخبرة والكفاءة والاحترام .

شهدت المحافظات الجنوبية ابان الفترة الاخيرة من حكم الاستعمار نهضة تعليمية ممتازة ، شكلت أساس صحيح للتعليم الحديث اُستفاد من مخرجاته في فترة ما بعد الاستقلال ، وكانت يعتمد اساساُ على النظام والانضباط والكفاءات التربوية القادرة على العطاء .

 حدثني عن ذلك الكثير من رواد تلك المرحلة ومنهم التربوي القدير احد القيادات التربوية الاستاذ عوض واكد (اطال الله في عمره) قال لي : إن العلاوات والترقيات زمان كانت لا تعطى إلا بعد حصول المعلم على " شهادة الكفاءة " وجلوسه للامتحان في المادة التي يدرسها ، وذكر لي قصة الشاعر الكبير محمد سعيد جرادة عندما رسب في امتحان شهادة الكفاءة (مادة اللغة العربية) حيث كان السؤال الاول في الادب الجاهلي ، وقد اسهب الاستاذ الجرادة في الاجابة على السؤال ولم يعمل حساب الوقت الذي لم يسعفه للإجابة على الاسئلة الاخرى ، وقد اصيبت اللجنة المشرفة بالإحراج الشديد

فأعادت له الامتحان مرة اخرى وتحصل على العلاوة المقررة ، فهذا الجرادة بحرٌ في اللغة والادب العربي ! لكنه النظام الذي يحتم على الكل الانصياع له دون أي تمرد ، لك يا عزيزي القارئ ان تتأمل كيف سيكون الحال اليوم لو

ربطت العلاوات وزيادة راتب المعلم بشهادة الكفاءة والخبرة ؟

صحيح اننا نمر الان بظروف قاسية ومؤلمة وواقع محطم بسبب الحرب والفوضى والاسترزاق والقتل والنهب والسطو والارتفاع المهول في الاسعار ،  لكن الاخطر من ذلك كله هو تحطيم مستقبل اولادنا بحرمانهم من التعليم والتربية

الصالحة ، للأسف يتم هذا ظل السكوت المجتمعي المطبق والعجز عن التكلم منشدة الغيظ والخوف جراء البطش والهوان .. لكن الشاعر اللحجي الرحال صالح الفقيه له نظرة اُخرى في مسألة خوف المجتمع وسكوته على الظلم والاستبداد

، جسّدها في قصيدته المشهورة " يا ضارب الرمل " حيث قال مخاطباً المجتمع :

أصبحت خـايف ولا تعرف بأرضك سكـون

وان جيت تهـرج يقولوا الجدر فاعل أذون !

قم كسر الجدر واعْمِر حيث سـاسه حصون

وصحح الوضع زيل الشرط ذي فيه هـون