علوم وتقنية

الأربعاء - 01 مايو 2024 - الساعة 09:08 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/متابعات

يعتقد الباحثون أن قلة التنوع الجيني بين الرجال ربما لم ينشأ بسبب الصراعات العسكرية، بل نتيجة للتحول الجذري في المجتمع البشري والانتقال إلى النظام الأبوي بعد ظهور الحضارة.

وتشير مجلة Nature Communications، إلى أنه وفقا لعلماء الحفريات والانثروبولوجيا الفرنسيين، لم يكن الانخفاض الكبير في التنوع الجيني بين الرجال، الذي حدث قبل 3- 5 آلاف عام، مرتبطا بكثرة الحروب، بل بظهور النظام الأبوي وتشكيل مجتمعات عشائرية من الرجال ذوي القرابة الوثيقة.

ويقول الباحثون: "أظهرت حساباتنا أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية أثرت على مستوى التنوع الجيني بين الرجال أكثر بكثير من الحروب ومظاهر العنف الجماعية الأخرى في العصر النحاسي، ويمكنها أن تفسر بشكل كامل سبب وصول مستوى التنوع الجيني بين النساء في هذا العصر إلى حوالي 17 مرة أعلى من نفس المؤشر بالنسبة للرجال".

وقد توصل إلى هذا الاستنتاج فريق من علماء الحفريات وعلماء الأنثروبولوجيا الفرنسيين برئاسة رافائيل تشي، الباحث في جامعة باريس سيتي، خلال دراسته أسباب الانخفاض الحاد في مستوى التنوع الجيني بين الرجال منذ حوالي 3- 5 آلاف عام. وكما هو معروف يعتقد العديد من المؤرخين أن هذا يرجع إلى كثرة الحروب خلال العصر النحاسي، وأودت بحياة ما يصل إلى 20- 30 بالمئة من كل جيل.

واستنادا إلى ذلك يفترض الباحثون أن هذا الاختناق الجيني ربما لم ينشأ بسبب الصراعات العسكرية، ولكن نتيجة للتحول الجذري للمجتمع البشري والانتقال إلى النظام الأبوي بعد ظهور الحضارة. والدليل هو أن الرجال في قبائل الرعاة والمزارعين الأفارقة أدنى من النساء من حيث التنوع الجيني دون مشاركتهم في أي حروب، وهو أمر غير معتاد بالنسبة لمجتمعات الصيد وجمع الثمار.
واسترشادا بتصورات مماثلة، احتسب الباحثون كيفية تغير مستوى التنوع الجيني للبشر في سيناريوهين، أحدهما تنتقل فيه السلطة في المجتمع والملكية من خلال خطي الأب والأم، والثاني فقط من خلال خط الذكور. واحتسب العلماء كيفية تغير التجمع الجيني لعدة قرى في الحالتين على مدى ما يقرب من 20 ألف جيل، وحللوا أيضا كيفية تأثير العوامل المختلفة، بما في ذلك الحروب.

وأظهرت حسابات العلماء، أن مستوى التنوع الجيني للرجال لم يتأثر كثيرا بالحروب، بل بعاملين اجتماعيين - معدل "انفصال" العشائر الجديدة عن الأسر الكبيرة الموجودة بالفعل، وكذلك الاختلافات في الوضع الاجتماعي والإنجابي بين مجموعات القرابة من الرجال، ما أدى إلى زيادة حجم بعض العشائر واختفاء البعض الآخر.

ووفقا للعلماء، أدت مجموعات معينة من هذين العاملين إلى انخفاض التنوع الجيني بين الرجال في المجتمعات الأبوية، حتى في الحالات التي لم يشارك فيها الرجال مطلقا بالحروب. ولكن العنف الجماعي أدى إلى تسريع هذه العملية، ما أدى إلى انخفاض التنوع الجيني بين الرجال إلى أدنى مستوى بشكل أسرع بعدة عشرات من الأجيال مقارنة بتطور الأوضاع في السيناريو السلمي.

ويعتقد العلماء أن هذه النتائج تشير إلى أن العديد من المؤرخين يبالغون في تقدير تأثير الحروب والهجرات الجماعية التي سببتها في البنية الجينية للبشر في العصر النحاسي والعصور الحضارية اللاحقة، ويقللون من تأثير العوامل الاجتماعية والاقتصادية في السلوك الإنجابي للبشر.